وبه ابن العميد عاد عميدا * ليس يستطيع عن معانيه صبرا أو لتحريره الحريري يرنو * لرأى أنه به منه أحرى فلكم زف من عرائس فكر * قد مد الخفا عليهم سترا كل محجوبة أليفة خدر * ليس ترضى لها سوى الغيب خدرا برزت بالهنا تطوق جيدا * وبدر الثنا توشح خصرا لست أحصي أدنى صفاتك عدا * أو أستطيع للكواكب حصرا لكتاب ألفته محكم الذكر * هدى للأنام فيه وذكرى 1482: الأمير عبد الحسين بن مير محمد باقر الحسيني الخاتون آبادي معاصر للمجلسي له تاريخ وقايع الأيام والسنين ووفيات العلماء يروي بالإجازة عن التقي المجلسي وعن المحقق السبزواري.
1483: الحاج عبد الحسين الآزري جد آل الآزري هو محمد بن مراد بن المهدي بن إبراهيم عبد الصمد بن علي التميمي البغدادي المتوفى في عام 1162 للهجرة وهو الذي لقب بالأزري لأنه كان يتعاطى بيع الأزر المنسوجة من القطن والصوف، وقد نبغ من هذه الأسرة في العلم والأدب عدد ليس بالنزر وأول لامع منهم هو الشيخ كاظم، فالشيخ محمد الرضا، فالشيخ يوسف الأول، فالشيخ مسعود، فالشيخ مهدي، فالمترجم.
كانت مدينة الشيخ كاظم بغداد وكانت مدرسته النجف وكان صريحا في الرأي قويا في الحجة، مهيبا في المطلع، وكان يتمتع بمكانة سامية في كافة الأوساط الأدبية، ولدى جميع الطبقات الشعبية، جلى في مضامير الأدب، وبزع لامعا في سماء الشعر، لم يكن في بغداد أشعر منه منذ نهاية العصر العباسي حتى عهده الذهبي، كما أنه كان في الطليعة من شعراء النجف ونوابغها على كثرة ما في تلك المدينة من النوابغ يومذاك مثل آل الفحام، آل النحوي، وآل محيي الدين، وآل الأعسم، وبيت زين الدين وغيرهم.
ولد المترجم في بغداد سنة 1298 للهجرة وترعرع في زمن كثرت فيه الثورات والانتفاضات على النظم السياسية والأساليب الاجتماعية، وعلى العادات والتقاليد البالية، من اجل ذلك نشأ وهو ثورة أدبية اجتماعية سياسية. والمطلع على ديوانه يطلع على سجل حافل بالتيارات الفكرية، والانقلابات الاجتماعية والسياسية للجيل الذي عاش فيه. وقد تعاطى نظم الشعر في مطلع شبابه، ولم يتفرع له بل تعاطى التجارة، واشتغل في السياسة، وجال جولة في الصحافة، وكان منتسبا إلى حزب الائتلاف الذي تأسس في الآستانة بعد اعلان الدستور العثماني. وفي سنة 1911 أصدر جريدة المصباح ثم عطلتها شؤون الحرب العامة الأولى، وبما أنه كان شديد الايمان بالقضية العربية، وكثير الاشتغال بها، والعمل لها، انضم إلى حزب اللا مركزية الذي كان مركزه في بيروت الامر الذي جعل الاتحاديين يرتابون منه فنفوه إلى قيسرين من بلاد الأناضول، مع من نفي من أحرار العرب.
اما مزايا شعره فهو إقليمي في فنه، انساني في نزعته، قومي في أهدافه وبما أنه ترعرع في أحضان الثورات والانتفاضات، فقد كان يكثر في شعره النقد اللاذع وتصطبغ قصائده أحيانا باللون القاتم، وقد جعله اتقانه للغة الافرنسية يحب من الشعر الخيال الجميل، ويبدع في الأسلوب القصصي، وأنه وإن كان ذا طرفة وطرف، ولكن الثورة التي نشأ عليها كانت تعتلج بين جوانحه فهو نفحة ربما انقلبت لفحة وعاطفة ربما تتحول عاصفة.
شعره قال الشيخ علي الشرفي يصف شعره:
كنت انا والفقيد الغالي نختلف على تلعة من تلعات بلد النجوم لبنان وذلك في صيف 1951 وكنا ننعم باستجلاء أجمل صور الماضي الاجتماعية والأدبية، وفي يوم من أيام هذه الندوة ونحن نتناشد المختار من الشعر وإذا بالشيخ يضع بين يدي ديوانا من شعره لا أشذ إذا قلت اني وجدته المختار من المختار، وليس للأستاذ الآزري ديوان واحد، ولكن هذا المجموع كان الحبيب إليه من شعره. لم يبهرني ذلك الديوان بديباجته المشرقة ولا لأنه مجموعة صور رسمتها ريشة خلاق، بل لأني وجدته وعاء أنيقا في قراراته روح الشاعر الشاعر، وفي جنباته قلبه المشع وعاطفته الملتهبة، فما أروع وما اسمى: تصوير بارع بديع، وتعبير جميل خلاب، أنه لم يكن بستان طرائف ولا غلة لحقل من الابداع ولا صندوق تحف أو موسم ورد كلا أنه ارفع من التحف والمواسم وأينع من الحقول والبساتين أنها أحاسيس عاشت زمنا في قلب الشاعر ونبضت في نبضه ثم تنزت صاعدة إلى شفتيه وهكذا يصعد الكلم الطيب عالم جميل وامتداده في الجمال لا يعرف الحد ولقد وجدت للشاعر في ذلك الديوان نبؤات كثيرة تحققت وأغرب نبوءة له رحمه الله اني حضرت مجلسا له فأطرفنا بخاطرة من خواطره إذ قام إلى مكتبه واحضر مجموعته الشعرية وقال هذا آخر ما عن لي واخذ يتلو قطعة عامرة لا تتجاوز العشرة الأبيات وكانت قافيتها تائية هات فات مات وكان يصور فيها عزيز قوم ورب عائلة خارت قواه فطاح فجأة وتجتمع عليه أسرته تفديه وتناديه وكأنها تخاطب شبحا أو تنادي خيالا وسرعان ما أحضر الطبيب فيتخاذل ويرتبك ويتمتم قائلا مات. لقد سمعنا ثلاثتنا تلك الأبيات فأعجبنا كل الاعجاب وبعد أيام لا تتجاوز الأسبوع ذهلنا كل الذهول وامتلكنا الحيرة عند ما بلغنا فجأة نعيه بتلك الصورة التي صورها فكأنه كان ينعي نفسه انتهى.
شعره من شعره قوله يرثي مؤلف هذا الكتاب أعيان الشيعة ولعلها آخر ما نظم من الشعر:
أيها المصلح العظيم وداعا * مثلما ودع الربيع الغماما شيعتك القلوب حرى وكادت * من شجاها أن تستحيل ضراما ومشت خلفك الجموع كسيل * ضاق عرض الفضاء فيه ازدحاما غلب الصمت والخشوع عليها * ومن الصمت ما يفوق الكلاما كان يحوي الاباء نعشك والاخلاص * والزهد والتقى والذماما رفعوه امامهم كلواء * أو كما في الصلاة كنت الإماما طوقوه كأنه الحجر الأسعد * حف الحجيج فيه استلاما