نشدتك الله أنت خير أم جدك قال جدي قال فهذا القرن خير أم ذلك القرن قال ذلك القرن قال أفتطمع ان يفي لك هؤلاء وقد غدر أولئك بجدك قال قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وأعناقهم قال أفتأذن لي ان اخرج من هذا البلد فلا آمن ان يحدث حدث فلا أملك نفسي فاذن له فخرج إلى اليمامة وكتب عبد الله بن الحسن الحسني إلى زيد اما بعد فان أهل الكوفة قبح العلانية جود السريرة هرج في الرخاء جزع في اللقاء يقدمهم ألسنتهم ولا يشايعهم قلوبهم ولقد تواترت إلي كتبهم بدعوتهم فصممت عن ندائهم وألبست قلبي غشاء عن ذكرهم يأسا منهم واطراحا لهم وما لهم مثل الا ما قال علي بن أبي طالب ع ان أهملتم خضتم وان جوريتم خرتم وان اجتمع الناس على امام طعنتم وان أجبتم إلى مشاقة نكصتم فلم يصغ زيد إلى شئ من ذلك فأقام على حاله يبايع الناس ويتجهز للخروج وتزوج بالكوفة ابنة ليعقوب السلمي وتزوج أيضا ابنة عبد الله بن أبي القيس الأزدي وكان سبب تزوجه إياها ان أمها أم عمرو بنت الصلت كانت تتشيع فاتت زيدا تسلم عليه وكانت جميلة حسنة قد دخلت في السن فلم يظهر عليها فخطبها زيد إلى نفسها فاعتذرت بالسن وقالت إن لي بنتا هي أجمل مني وأبيض وأحسن دلا وشكلا فضحك زيد ثم تزوجها وكان ينتقل بالكوفة تارة عندها وتارة عند زوجته الأخرى وتارة في بني عبيس وتارة في بني نهد وتارة في بني تغلب وغيرهم إلى أن ظهر. انتهى كلام ابن الأثير.
وكان خروجه بالكوفة في ولاية يوسف بن عمر بن أبي عقيل الثقفي العراق لهشام بن عبد الملك في الشذرات ويوسف هذا هو ابن عمر أبوه عم الحجاج بن يوسف.
خروجه ومقتله قال أبو الفرج وابن الأثير فلما دنا خروجه امر أصحابه بالاستعداد والتهيؤ فجعل من يريد ان يفي له يستعد وشاع ذلك قال أبو الفرج فانطلق سليمان بن سراقة البارقة فأخبر يوسف بن عمر خبر فبعث يوسف فطلب زيدا ليلا فلم يوجد عند الرجلين اللذين سعي إليه انه عندهما فاتى بهما يوسف فلما كلمهما استبان امر زيد وأصحابه وامر بهما يوسف فضربت أعناقهما وبلغ الخبر زيدا فتخوف ان يؤخذ عليه الطريق فتعجل الخروج قبل الاجل الذي بينه وبين أهل الأمصار وكان قد وعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة 122 فخرج قبل الاجل فلما خفقت الراية على رأسه قال الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله اني كنت استحيي من رسول الله ص ان أرد عليه الحوض ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر وبلغ ذلك يوسف بن عمر فامر الحكم بن الصلت ان يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم فيحصرهم فيه فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة فأدخلوهم المسجد ثم نادى مناديه أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحلة فقد برئت منه الذمة ائتوا المسجد الأعظم فاتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد.
وقال ابن عساكر في حديث عن ضمرة بن ربيعة ان يوسف بن عمر لما علم بخروج زيد امر بالصلاة جامعة وبان من لم يحضر المسجد فقد حلت عليه العقوبة فاجتمع الناس وقالوا ننظر ما هذا الامر ثم نرجع فلما اجتمع الناس امر بالأبواب فاخذ بها وبنى عليهم وامر الخيل فجالت في أزقة الكوفة فمكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليال في المسجد يؤتى الناس من منازلهم بالطعام يتناوبهم الشرط والحرس فخرج زيد على تلك الحال.
وقال أبو الفرج في حديثه وطلبوا زيدا في دار معاوية بن إسحاق فخرج ليلا وذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم في ليلة شديدة البرد من دار معاوية بن إسحاق فرفعوا الهرادي فيها النيران ونادوا بشعارهم شعار رسول الله ص يا منصور أمت فما زالوا كذلك حتى أصبحوا فبعث زيد القاسم بن عمر التبعي ورجلا اخر اسمه صدام وسعيد بن خثيم ينادون بشعارهم ورفع أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني هرديا من مئذنتهم ونادى بشعار زيد فلما كانوا في صحارى عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس الكندي فشد على القاسم وعلى أصحابه فقتل صدام وارتث القاسم فاتي به الحكم ابن الصلت فقتله على باب القصر. قال أبو مخنف وقال يوسف بن عمر وهو بالحيرة من يأتي الكوفة فيقرب من هؤلاء فيأتينا بخبرهم فقال عبد الله بن العباس المنتوف الهمداني انا آتيك بخبرهم فركب في خمسين فارسا ثم اقبل حتى اتى جبانة سالم فاستخبر ثم رجع إلى يوسف خرج إلى تل قريب من الحيرة فنزل معه قريش وأشراف الناس وأمير شرطته يومئذ العباس بن سعد المرادي وبعث الريان بن سلمة البلوي في نحو من ألفي فارس وثلاثمائة من القيقانية رجالة ناشبة وأصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة 218 رجالة ناشبة فقال زيد سبحان الله فأين الناس قيل هم محصورون في المسجد فقال لا والله ما هذا لمن بايعنا فتلقى عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم بن الصلت عند بعض دور الكوفة فقال يا منصور أمت فلم يرد عليه عمر شيئا فشد نصر عليه وعلى أصحابه فقتله وانهزم من كان معه واقبل زيد حتى انتهى إلى جبانة الصائديين وبها خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد في أصحابه فهزمهم ثم مضى حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعة من أهل الشام فهزمهم ثم شلهم حتى ظهر إلى المقبرة ويوسف بن عمر على التل ينظر إلى زيد وأصحابه وهم يكرون ولو شاء زيد ان يقتل يوسف لقتله. ثم إن زيدا اخذ ذات اليمين حتى دخل الكوفة فطلع أهل الشام عليهم فدخلوا زقاقا ضيقا ومضوا فيه فقال زيد لنصر بن خزيمة أتخاف على أهل الكوفة ان يكونوا فعلوها حسينية فقال جعلني الله فداك اما انا فوالله لأضربن بسيفي هذا معك حتى أموت ثم خرج بهم زيد نحو المسجد فخرج إليه عبيد الله بن العباس الكندي في أهل الشام واقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه وتبعهم زيد حتى انتهوا إلى باب الفيل وهو أحد أبواب المسجد وجعل أصحاب زيد يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون يا أهل المسجد أخرجوا وجعل نصر بن خزيمة يناديهم يا أهل الكوفة أخرجوا من الذل إلى العز إلى الدين والدنيا وجعل أهل الشام يرمونهم من فوق المسجد