والأنصار وغيرهم بعد الإجبار على البيعة إلى علي ع فقالوا له أنت والله أمير المؤمنين وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي ص هلم يدك نبايعك فوالله لنموتن قدامك فقال علي ع ان كنتم صادقين فاغدوا غدا علي محلقين فحلق أمير المؤمنين ع وحلق سلمان وحلق مقداد وحلق أبو ذر ولم يحلق غيرهم ثم انصرفوا فجاءوا مرة أخرى بعد ذلك فقالوا له كما قالوا أولا وحلفوا فقال لهم كما قال أولا فما حلق الا هؤلاء الثلاثة قلت فما كان فيهم عمار قال لا قلت فصار من أهل الرجوع فقال إن عمارا قاتل مع علي ع بعد وكان سلمان أحد الاثني عشر الذين احتجوا على الخليفة الأول. وقد ذكر أهل الأخبار انه لما كان يوم السقيفة قال سلمان بالفارسية كرديد ونكريد وندانيد جكرديد قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 4 ص 225 ما يذكره المحدثون من قوله للمسلمين يوم السقيفة كرديد ونكرديد محمول عند أصحابنا على أن المراد صنعتم شيئا وما صنعتم اي استخلفتم خليفة ونعم ما فعلتم الا انكم عدلتم عن أهل البيت فلو كان الخليفة منهم كان أولى والامامية تقول معناه أسلمتم وما أسلمتم واللفظة المذكورة في الفارسية لا تعطي هذا المعنى وانما تدل على الفعل والعمل لا غير. ويدل على صحة على المدائن فلو كان ما تنسبه الامامية إليه حقا لم يعمل اه أقول كرديد معناه في الفارسية فعلتم ونكرديد معناه وما فعلتم ولكن ما هو الذي فعلوه وما فعلوه مقتضى كون سلمان من الشيعة المخلصين وكون هذا الخطاب لمن يراهم أخروا عليا عن مقامه ودفعوه عن حقه ان يكون المراد أسلمتم وما أسلمتم أسلمتم باظهار الشهادتين والعمل بما هو من شرط الاسلام. وما أسلمتم بترك ما أمرتم به في حق علي ع يوم الغدير وغيره وزاد ذلك وضوحا قوله وندانيد جكرديد اي وما علمتم ما فعلتم الذي هو ظاهر في التوبيخ لهم عرفا على ما فعلوا كمن يفعل ما لا يستحسن فنقول له ما علمت ماذا صنعت وابن أبي الحديد لم ينقل هذه الجملة الأخيرة أصلا وما نقله عن أصحابه من أن المراد استخلفتم خليفة ونعم ما فعلتم لا دلالة للفظ عليه بوجه من الوجوه وما هو الدال على قوله ونعم ما فعلتم وكذلك الباقي لا دلالة للفظ عليه لا تصريحا ولا تلويحا وأما ما استدل به على صحة قول أصحابه من عمل سلمان لعمر على المدائن فلا دلالة فيه بوجه فمن هو الذي يمنع من عمله له إذا قام بالعدل والحق وأي دليل يدل على ذلك صحت إمامته أم لا. وروى الكشي بسند فيه جهالة عن أبي حمزة سمعت أبا جعفر ع يقول لما مروا بأمير المؤمنين ع ضرب أبو ذر بيده على الأخرى ثم قال ليت السيوف قد عادت بأيدينا ثانية وقال مقداد لو شاء لدعا عليه ربه عز وجل وقال سلمان مولانا أعلم بما هو فيه.
المؤاخاة بينه وبين أبي الدرداء واخباره معه في الاستيعاب كان رسول الله ص قد آخى بينه وبين أبي الدرداء فكان إذا نزل الشام نزل على أبي الدرداء وروى أبو جحيفة ان سلمان جاء يزور أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال ما شأنك فقالت إن أخاك ليس له حاجة في شئ من الدنيا فلما جاء أبو الدرداء رحب بسلمان وقرب له طعاما فقال يا سلمان أطعم قال إني صائم قال أقسمت عليك الا ما طعمت اني لست بأكل حتى تطعم وبات سلمان عند أبي الدرداء فلما كان الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان وقال إن لربك عليك حقا وان لأهلك عليك حقا وان لجسدك عليك حقا فاعط لكل ذي حق حقه فلما كان وجه الصبح قال قم الآن فقاما فصليا أي النافلة ثم خرجا إلى الصلاة فلما صلى رسول الله ص قام إليه أبو الدرداء وأخبره بما قال سلمان فقال رسول الله ص مثل ما قال سلمان اه وفي أسد الغابة كان رسول الله ص قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء وسكن أبو الدرداء الشام وسكن سلمان العراق فكتب إليه أبو الدرداء إلى سلمان سلام عليك أما بعد فان الله رزقني بعدك مالا وولدا ونزلت الأرض المقدسة فكتب إليه سلمان سلام عليك أما بعد فإنك كتبت إلي ان الله رزقك مالا وولدا فاعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد ولكن الخير أن يكثر حلمك وأن ينفعك علمك وكتبت إلي انك نزلت الأرض المقدسة وان الأرض لا تعمل لاحد اعمل كأنك ترى واعدد نفسك من الموتى. وروى الكشي بسنده عن خزيمة بن ربيعة يرفعه خطب سلمان إلى عمر فرده ثم ندم فعاد إليه فقال انما أردت أن أعلم ذهبت حمية الجاهلية عن قلبك أم هي كما هي وبسنده عن أبي عبد الله ع مر سلمان على الحدادين بالكوفة وإذا شاب قد صرع والناس قد اجتمعوا حوله فقالوا يا أبا عبد الله هذا الشاب قد صرع فلو جئت فقرأت في أذنه فجاء سلمان فلما دنا منه رفع الشاب رأسه فنظر إليه فقال يا أبا عبد الله ليس في شئ مما يقول هؤلاء لكني مررت بهؤلاء الحدادين وهم يضربون بالمرازب فذكرت قول الله تعالى ولهم مقامع من حديد فدخلت من الشاب في سلمان محبة فاتخذه أخا فلم يزل معه حتى مرض الشاب فجاء سلمان فجلس عند رأسه وهو في الموت فقال يا ملك الموت ارفق بأخي فقال يا أبا عبد الله اني بكل مؤمن رفيق وبسنده دخل سلمان على رجل من إخوانه فوجده في السياق فقال يا ملك الموت ارفق بصاحبنا فقال الآخر يا أبا عبد الله يقول لا وعزة هذا البناء ليس لنا شئ.
وقال الكشي: أبو عبد الله جعفر بن محمد شيخ من جرجان عامي حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا علي بن مجاهد عن عمرو بن أبي قيس عن عبد الاعلى عن أبيه عن المسيب بن نجبة الفزاري قال لما اتانا سلمان الفارسي قادما تلقيناه فيمن تلقاه فسار حتى انتهى إلى كربلا فقال ما تسمون هذه قالوا كربلا فقال هذه مصارع إخواني هذا موضع رحالهم وهذا مناخ ركابهم وهذا مهراق دمائهم يقتل بها ابن خير الأولين ويقتل بها خير الآخرين ثم سار حتى انتهى إلى حروراء فقال ما تسمون هذه الأرض قالوا حروراء فقال حروراء خرج بها شر الأولين ويخرج بها شر الآخرين ثم سار حتى انتهى إلى بانقيا وبها جسر الكوفة الأول فقال ما تسمون هذه قالوا بانقيا ثم سار حتى انتهى إلى الكوفة قال هذه الكوفة قالوا نعم قال قبة الاسلام. واعلم أنه قد ورد في بعض الأحاديث التي رواها الكشي بأسانيده عن جعفر عن أبيه ع ذكرت التقية يوما عند علي ع فقال لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله وقد آخى رسول الله ص بينهما فما ظنك بسائر الخلق: عن جابر عن أبي جعفر: دخل أبو ذر على سلمان وهو يطبخ قدرا له فانكبت القدر على وجهها على الأرض مرتين فلم يسقط من مرقها ولا من ودكها شئ فعجب من ذلك أبو ذر عجبا شديدا وخرج وهو مذعور فبينما هو متنكر إذ لقي أمير المؤمنين ع على الباب فسأله ما الذي أخرجك وما الذي أذعرك فأخبره فقال يا أبا ذر ان سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان يا أبا ذر ان سلمان باب الله في الأرض من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا وان سلمان منا أهل البيت. عن