على التحليل منهم في زمانهم لمن أرادوا تحليله، فلا يفيد بالنسبة إلى زماننا، بل هو خصوص بالتوقيع من صاحب الزمان (عليه السلام) الذي قدمناه سابقا في أخبار التحليل المشتمل على تحليل الخمس تمامه للشيعة إلى أن يظهر أمرهم لتطيب ولادتهم ولا تخبث، إلا أنه يجب الخروج عنه في غير حقه لمكان المعارض دونه فيراد حينئذ منه تحليل حقه من الخمس لا غير، وفيه أن هذا التوقيع مع معارضته بالتوقيعين وخبر الحسين عن الحجة (عليه السلام) أيضا المتقدمة في أخبار التحريم مقابل أخبار التحليل، بل وعدم اشتهاره بين أساطين الأصحاب من المفيد والشيخ وغيرهما، بل قد سمعت ما في المقنعة من الاعتراف بعدم النص وشدة التحير والمحنة، واحتماله كثيرا من الوجوه التي ذكرناها في غيره من أخبار التحليل أنه لا يجوز الاعتماد عليه في قطع الأصول والأدلة كتابا وسنة، لاشتمال سنده على المجاهيل الذين لا يجوز الركون إلى أخبارهم قبل التبين، فكيف مع تبين العدم.
ومن ذلك كله يظهر لك سر ما ذكره المفيد من المحنة والحيرة، لعدم وضوح مأخذ قاطع للعذر لشئ من الأقوال المذكورة، كما يومي إليه ظهور الاضطراب في هذه المسألة من أساطين الأصحاب في تمام الخمس فضلا عن حق الإمام (عليه السلام) منه، منهم المفيد في مقنعته كما عرفت، والشيخ في نهايته فإنه بعد أن اعترف بعدم النص المعين فيه، وحكى القول بالإباحة والوصاية والدفن والتفصيل بين حق الإمام (عليه السلام) وغيره قال: وهذا مشيرا إلى الأخير مما ينبغي أن يكون العمل عليه، ثم قال بعد أن ذكره مستند ذلك: (ولو أن إنسانا استعمل الاحتياط أو عمل على أحد الأقوال المقدم ذكرها من الدفن والوصاية لم يكن مأثوما) ونحوه عن مبسوطه.