فالمصنف في النافع والفاضل في المختلف والإرشاد والقواعد وظاهر المنتهى والشهيدان في الدروس والبيان واللمعة وظاهر الروضة وغيرهم على جواز الدفع والتخيير بينه وبين الوصية ونحوها لا وجوبه، بل نسبه إلى المشهور في الروضة وإلى كثير في الرياض، بل ظاهر موضع آخر من الثاني أنه الذي استقر عليه رأي المتأخرين، وفي المدارك والمفاتيح والوافي والحدائق سقوطه في زمن الغيبة، فأي شهرة يمكن أن تدعى حينئذ على الوجوب، بل هي على الخلاف متحققة إن لم يكن إجماع، بل لا صراحة في المتن والتحرير والمحكي من عبارة الغرية بإرادة الوجوب وإن كان ما ذكر دليلا للحكم في الأولين من إيجاب الاتمام ظاهرا في ذلك أو صريحا، ومن العجيب ذكره ذلك في المختلف والمنتهى بل وغيرهما دليلا للجواز مع اقتضائه الوجوب، فتأمل.
وكيف كان فالعمل بالمرسلين السابقين غير موافق لأصول المذهب بعد ما عرفت، واحتمال عدم احتياج العمل بهما بالنسبة إلى ذلك إلى جابر إذ ليس هو مدلولهما بل هو لازم ما تضمناه من قسمة الإمام (عليه السلام) الخمس بينهم قدر الكفاية، فإن أعوز كان عليه، وإن زاد كان له الذي قد عرفت انجباره بعمل الأصحاب هناك، بل لا خلاف فيه إلا من الحلي كما قدمنا البحث فيه سابقا يدفعه أنه عمل بهما، وذلك لاستفادة وجوب الاتمام عليه في هذا الزمان منهما المقتضي استحقاقهم أخذ حقه ووجوب دفع الوكيل الذي هو الفقيه إياه إليهم تفريغا لذمة الإمام (عليه السلام) كما أومأ إليهم تعليل غير واحد منهم بعدم سقوط الوجوب بالغيبة، على أنه لو سلم ذلك كله لأمكن المناقشة في دلالتهما بما ذكرناه سابقا في محله من ظهورهما في كيفية قسمة تمام ما شرعه الله تعالى من الخمس حال انبساط يد الإمام (عليه السلام) وظهور سلطانه وتساوي الغريب والبعيد إليه والقوي والضعيف المقتضي لجلب تمام ما يحصل من الخمس إليه، فيقسمه هذه القسمة