وعلى الثاني يكون المراد: أنه يشترط في استمرار التقصير أن لا ينقطع سفره في أثنائه بعد بلوغ المسافة بأحد القواطع. فلو انقطع يتم حين الانقطاع هذه إلى أن يستأنف قصد مسافة جديدة، ويقصر قبله.
ومراد الأكثر في هذا المقام حيث ذكروا هذا الشرط هو المعنى الأول، ولذا لم يذكروا في القواطع هنا تردد ثلاثين يوما، لأنه في الأول غير متصور، إذ لا معنى لعزم التردد في الأثناء ثلاثين يوما، بل اقتصروا على عدم عزم دخوله الوطن أو موضعا يعزم فيه إقامة العشرة.
وأما المعنى الثاني فقد ذكروه في مطاوي أحكام السفر، لأنه ليس حقيقة من شروط التقصير بل شرط استمراره.
ونحن نذكر هنا الأمرين في مقامين:
المقام الأول: في بيان ما يتعلق بهذا الشرط بالمعنى الأول.
فنقول: إنه يشترط في شرعية التقصير - جوازا أو وجوبا - أن لا يقصد الدخول في وطن له في أثناء المسافة الشرعية، ولا يعزم على إقامة العشرة في موضع في أثنائها. فلو قصد أحد الأمرين لم يجز له القصر في الطريق إن كان الوطن أو الموضع في خلال الأربعة، ولم يجب إن كان ما بينها وبين الثمانية، وكذا في نفس الوطن أو ذلك الموضع، ولا في ما بعد ذلك الموضع ما لم ينو مسافة جديدة بعده، ولا يكفي في القصر انضمام ما بقي من المسافة بعد الانقطاع إليها قبله، وكذا لا يقصر في المسافة، بلا خلاف في الجميع كما صرح به غير واحد (1)، بل بالاجماع كما نقله جماعة (2).
واستدل له بالأخبار المستفيضة الآتية المصرحة بانقطاع السفر بوصول أحد الموضعين ووجوب الاتمام فيه. وهو غير واف بتمام المدعى، لأنه لا يثبت إلا وجوب التمام في نفس أحد الموضعين، أما قبله وبعده فلا.