الأولى، أي: نفس الصلاة الغير المسبوقة بغيرها.
إلا أن يقال بمنع سقوط الوجوب الكفائي ما لم تتم الصلاة الأولى، فالأمر الأول باق على حقيقته التي هي الوجوب، وشامل لمثل هذا الشخص أيضا، وكذا باقي الأوامر، خرج منها من أدرك الجنازة بعد تمام الصلاة. والحاصل: أن الأوامر مطلقة شاملة للكل، فيجب على الجميع، والمسلم سقوطه إنما هو عمن لم يدخل الصلاة إلا بعد تمام صلاة.
ويجاب حينئذ: بأن عموم ما دل على وجوب الصلاة الشامل للدعاء أيضا - كما مر - معارض بعموم الصحيحة الآمرة بالتتابع، بالعموم والخصوص من وجه. فكما يمكن تخصيص الثاني بغير حال الضرورة، يمكن تخصيص الأول بغير مثل ذلك الشخص، ولا ترجيح.
ومنع العموم في الصحيح، بل غايته الإطلاق المنصرف إلى صورة عدم التمكن من الدعاء كما هو الغالب.
مردود أولا: بدلالته على العموم عرفا وإن كان فيها كلام لغة.
وثانيا: بورود مثل ذلك في الأول أيضا; لأنه أيضا مطلق فينصرف إلى غير من دخل في الأثناء كما هو الغالب.
وثالثا: بمنع غلبة عدم التمكن من الدعاء المخفف، سلما إذا أدرك تكبيرتين أو ثلاثا.
بل لنا أن نقول بكون التعارض بالعموم المطلق، وأن الصحيحة أخص مطلقا; لاختصاصها بالداخل في الأثناء، وأعمية العمومات. وأخصيتها إنما هي لو سلمنا الإجماع على خروج صورة الضرورة منها، وهو غير ثابت. بل نقول: إن وجوب الاستقبال وعدم انحراف الميت ونحوهما، إنما كان ثبوته بالإجماع، وتحققه بالنسبة إلى الجميع - حتى في موضع يوجب ترك الدعاء الواجب بالأخبار، وفي موضع رفعت الجنازة في الأثناء - غير مسلم، فخصوصية العمومات ممنوعة، ولازمه تخصيصها بالصحيحة.