الواجب، وتجويز تفويت الواجب منفي، فجواز السفر منفي.
قلنا - بعد تسليم عدم وجوبها على مثل هذا المسافر أيضا الذي وجب عليه أول الوقت -: إن بطلان تجويز تفويت الواجب ممنوع، إنما الباطل تفويته، وأما تجويز التفويت فهو الإتيان بما يسقط وجوبه معه شرعا، ولا دليل على بطلانه.
وقد يرد الأخير أيضا بأنه لو حرم السفر لم تسقط الجمعة; لوجوبها على العامي بسفره. فلو حرم السفر لم يحرم السفر، وما كان كذلك فهو باطل.
وفيه: إنما يتم في صورة إمكان جمعة أخرى، وعدم الحرمة حينئذ مسلم، وأما في صورة عدم الإمكان فالمحرم يكون هو الفوات دون السفر.
فروع:
أ: وإذا عرفت أن دليل الحرمة منحصر في الإجماع، فلا يحرم فيما لم يثبت الإجماع فيه:
ومنه: ما إذا كان السفر واجبا، أو مضطرا إليه، ويدل عليه أيضا المروي عن النهج.
ومنه: ما إذا كان بين يدي المسافر جمعة أخرى يمكن له إدراكها، فلا يحرم حينئذ، وفاقا لجماعة (1).
قيل: يلزم أن تكون الجمعة واجبة عليه في السفر مع أنه خلاف النصوص.
قلنا: لا نسلم اللزوم; لأن منع الحرمة حينئذ لانتفاء الإجماع، أو مع إمكان الجمعة لو أراد، لا إمكان الجمعة مطلقا.
وقد يجاب أيضا بلزوم التخصيص في تلك النصوص; لأن ها هنا حكمين، أحدهما: أن كل حاضر تجب عليه صلاة الجمعة، وثانيهما: أن كل مسافر لم تجب عليه. وهذا قبل السفر حاضر داخل