ما عليه الماتن وأكثر المتأخرين من تفسيره بمفاده الحقيقي، ومنها قول المبسوط والخلاف والسرائر، المشار إليه في العبارة بقوله:
(وفيه قول آخر متكلف) من الجهات التي مرت مع زيادة عليها نشير إليها هنا، وهي استلزامه إطراح النصوص المتقدمة المعتبرة أسانيدها طرا، مع عدم الباعث عليه عند الشيخ وأمثاله أصلا، عدا التعليل المتقدم، وهو على تقدير صحته يقتضي الاقتصار في مخالفتها على صورة صدقه في القذف خاصة، لا مع كذبه فيه أيضا، ولذا أن الفاضل الموافق لهما من حيث التعليل في الصورة الأولى خالفهما في الصورة الثانية، تفاديا من طرح الروايات بالكلية. وهو وإن خلص بذلك من هذا الاعتراض، إلا أنه وقع فيما هو أمر منه، وهو أنه إحداث قول ممنوع منه، إذ الأقوال في المسألة التي وصلت إلينا من قدمائنا اثنان، كما هو ظاهر العبارة وغيرها.
ولكن حكى هو في المختلف (1) وولده في الإيضاح (2) وغيرهما من ابن حمزة قولا ثالثا، وهو أنه إن كان صادقا قال: الكذب حرام ولا أعود إلى مثل ما قلت وأصلح، وإن كان كاذبا قال: كذبت فيما قلت.
وهو وإن أشبه التفصيل الذي ذكراه لكن يفترق عنه من وجه آخر، كما لا يخفى على من تدبره، ولذا جعلاه قولا آخر مقابلا لما اختاراه.
وهذا القول وإن اشترك مع باقي الأقوال عدا المشهور في الضعف والقصور، إلا أنه أقرب إلى النصوص، وأبعد عن التعريض بالقذف اللازم من قول الفاضل وولده.
ووجه ضعفه عدم صراحة قوله: «والكذب حرام» إلى آخر ما ذكره - في صورته الصدق - في إكذاب نفسه وإنما غايته الظهور الضعيف القريب من