بعضهم: التوبة إكذابه نفسه، وحقيقة ذلك أن يقول: كذبت فيما قلت، وروي ذلك في أخبارنا، والأول أقوى، لأنه إذا قال: كذبت فيما قلت ربما كان كاذبا، لجواز أن يكون صادقا في الباطن، وقد تعذر عليه تحقيقه، فإذا قال القذف باطل حرام فقد أكذب نفسه (1)، انتهى.
وما اختاره فيه من كيفية الإكذاب اختاره الحلي (2)، للتعليل الذي ذكره، واختاره الفاضل في الإرشاد (3) والتحرير (4) والقواعد (5) وولده في شرحه (6)، لكن على تفصيل هو أنه إن كان في قذفه كاذبا فحد توبته إكذاب نفسه، وإن كان صادقا فحدها أن يقول: أخطأت، جمعا بين النصوص الآتية، الدالة على أن حدها إكذاب نفسه بقول مطلق، وما مر من التعليل في كلام الشيخ الراجع حاصله إلى حرمة الكذب فلا يمكنه التكذيب مع صدقه، فعليه بدله أن يخطأ نفسه، وهو حسن إن صح التعليل.
وفيه نظر، إذ حاصله ومبناه الفرار من الكذب وهو يحصل بالتورية، واعتبارها أقرب إلى النصوص مما ذكره من التصريح بالتخطئة، وأنسب بالحكمة المطلوبة للشارع من الستر، لما في التصريح بالتخطئة من التعريض بالقذف أيضا، فإفساده أكثر من إصلاحه.
وبهذا صرح جماعة ومنهم الشهيد في الدروس، وقال في تضعيفه زيادة على ذلك: وبأن الله تعالى سمى القاذف الذي لا يأتي بالشهود كاذبا (7)، وتنبه لهذا الفاضل في التحرير، فقال بعد ذكر مختاره: وقيل: يكذب نفسه مطلقا،