أما الإجماع فبعد الإغماض عن وهنه في أمثال ما نحن فيه أنه معارض بما مر عن الصيمري من نسبة تعريف الكبائر بما أوعد الله عليه النار إلى الأصحاب، وهو يستلزم أن الذنوب التي لم يتوعد الله عليها بالنار ليست كبائر عندهم، فلا يبقى بعد ذلك إلا أن يكون صغائر، مع أنه جعل هذا القول الذي عمم فيه الكبائر لجميع الذنوب مقابلا لما نسبه إلى الأصحاب.
وعن شيخنا البهائي في الحبل المتين (1) أنه عزى المختار إلى الأصحاب، معربا عن دعوى الإجماع عليه.
هذا، وقد عرفت استفاضة نقل الشهرة على تخصيص الكبيرة بما نسبه الصيمري إلى الأصحاب كافة، فالإجماع المستظهر من كلامهما يترجح بها على الإجماع المستظهر من عبائر هؤلاء الجماعة.
وأما الروايات فنحن نقول بمضمونها من أن كل ذنب شديد، لاشتراكها في معصية الرب المجيد، إلا أن مجرد ذلك لا يوجب كون كلها كبائر بمعنى ما توعد عليه بالنار، كما استفيد من الأخبار، مع أنها على تقدير تسليم وضوح دلالتها لا تعارض الآيات والأخبار التي قدمنا، لاستفاضتها، بل وتواترها واعتضادها بفتوى عامة متأخري أصحابنا، بحيث كاد أن يكون ذلك منهم إجماعا.
وأما الثاني: فلما ذكره جماعة.
أولا: من أن التوبة متوقفة على العزم على عدم المعاودة، والعزم على ترك الصغائر متعذر أو متعسر، لأن الإنسان لا ينفك عنه غالبا فكيف يتحقق منه العزم على تركها أبدا، مع ما جرت من حاله وحال غيره من عدم الانفكاك منها غالبا.