الكبائر خاصة من دون تعرض فيه للصغائر بالمرة. وذلك بناء على الفرق بينهما، كما سيأتي إليه الإشارة.
هذا، مضافا إلى ما ذكروه من أن زوال العدالة بمثل ذلك يوجب عدم وجود عادل أصلا، إذ الإنسان لا ينفك عن الصغائر إلا المعصوم (عليه السلام)، وفي ذلك تعطيل للأحكام الكثيرة المبتنية على وجود العدل، وتفويت للمنافع العظيمة الدينية والدنيوية، وتضييع للحقوق بالكلية. وفيه من الحرج والضيق ما لا يخفى على ذي درية، وقد قال سبحانه: «وما جعل عليكم في الدين من حرج» (1)، وقال عز شأنه: «يريد الله بكم اليسر» (2) الآية.
خلافا للمفيد (3) والقاضي (4) والحلبي (5) والشيخ في العدة (6) وأبي علي الطبرسي (7) والحلي (8)، فقالوا: بقدح ذلك في العدالة، بناء منهم على أن كل ذنب كبيرة ولا صغيرة إلا بالإضافة، وظاهر الشيخ ومن ذكر بعده كونه مجمعا عليه بين الطائفة.
وعلى هذا فلا تنافي مذهبهم الصحيحة المتقدمة. والوجه الاعتباري المذكور بعدها قد اعترضه الحلي بأنه متجه إن لم يكن تدارك الذنب بالاستغفار، والحال أنه ممكن به وبالتوبة.
وفي كل من البناء والاعتراض نظر.
أما الأول: فلأن الأظهر الأشهر الذي عليه عامة من تأخر انقسام الذنب إلى كبيرة وصغيرة حقيقة، لما يظهر من الآية الكريمة «إن تجتنبوا كبائر ما تنهون