الثاني، وقد يناسبه النظر في كلماتهم في بعض فروع الفقه.
وكيف كان، فقد يدعى أن مقتضى إطلاق الواجب في كل دليل متكفل ببيان الموضوع هو التداخل والاكتفاء في امتثال التكليف الذي بصرف الوجود ولو مع تعدد الموضوع في الخارج، لا لكون متعلق التكليف هو صرف الوجود، لما ذكره بعض الأعاظم (قدس سره) وسبق منا في التنبيه الأول لمسألة المرة والتكرار من منع ذلك، بل لأنه مع تعلق التكليف بالماهية المعراة عن كل قيد - كما هو مقتضى فرض الاطلاق - يتعين الاكتفاء في امتثاله بصرف الوجود، لتحققها به.
لكن يظهر من تقرير بعض مشايخنا لدرس بعض الأعاظم (قدس سره) أن الاكتفاء بصرف الوجود في امتثال التكليف بالماهية إنما هو مع وحدة الطلب المتعلق بها، أما مع تعدده - كما هو مقتضى ظهور كل دليل في تحقق التكليف تبعا لوجود موضوعه بنحو الانحلال، المستلزم لتكثره بتكثر وجوده - فالمتعين عدم الاكتفاء بصرف الوجود، بل لابد من تعدد إيجادها تبعا لتعدد التكليف الوارد عليها.
وفيه: أولا: أنه يمتنع تعدد التكليف الوارد على الماهية المعراة عن كل قيد يقتضي تعدد المتعلق، لقيام التكليف بالاعتبار العرفي، والعرف لا يعتبر تعدد التكليف إلا في ظرف اختلاف ما يدعو إليه، أما مع وحدته من جميع الجهات، فيلغو اعتبار التعدد عرفا، غايته أن يلتزم بتأكد التكليف حينئذ.
وإليه يرجع ما سبقت الإشارة إليه من استلزام تعدد الحكم مع وحدة متعلقه اجتماع المثلين، لان استحالة الاجتماع في الاعتباريات فرع عدم صحة اعتبار الامرين عرفا، وليس هو كامتناع الاجتماع في الأمور الحقيقية