الطلب سنخا، لتقوم التكليف بالعمل، ولذا كان مقتضيا له بنفسه، وموضوعا للطاعة والمعصية بلا توسط أمر غير حكم العقل، ولا يعقل ثبوته مع عدم وجوب العمل، بخلاف الوضع ك (الدين والملك) فهو لا يقتضي العمل بنفسه، ولا يكون موضوعا للطاعة والمعصية، وإنما يكون موضوعا للحكم الشرعي المقتضي له والموضوع لهما، ولذا أمكن ثبوته مع عدم وجوبه لعجز، أو عسر، أو غيرهما.
نعم، لما كان البعث والتحريك في مورد التكليف مبنيا على ملاحظة العلاقة المقتضية لمتابعة المكلف للمكلف، وعلى جعل المسؤولية بلحاظها - كما سبق منا - كان مستتبعا للمسؤولية بالفعل المخاطب به، بحيث يصير كأنه في ذمة المكلف، فكون المكلف مسؤولا بالفعل وفي ذمته مسبب عن إنشاء الطلب في مورد التكليف ومتفرع على التكليف، لا أنه مفاد إنشاء الطلب الذي يكون منشأ لانتزاع التكليف، فضلا عن أن يكون مفاد مطلق إنشاء الطلب ولو في غير مورد التكليف.
ولعله لذا ورد التعبير عن بعض الواجبات بالدين، مثل ما عن الصادق عليه السلام في وصية لقمان: " وإذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها، واسترح منها، فإنها دين " (1).
ولا يبعد ابتناء ما ذكره على ما ذكرناه من الامر الارتكازي، وإن لم يوضح في كلامه بالوجه المناسب له.
الامر الثاني: المتيقن مما تقدم منا ومنهم في منشأ انتزاع التكليف إنما