وكذا الحال في قصد دفع وجلب جملة من المضار والمنافع الدنيوية.
ولو فرض كون ترتب بعضها بنظرهم لا بالوجه المذكور، بل لأنه من سنخ اللوازم والآثار الطبيعية للعمل المترتبة عليه بنفسه، أو من سنخ الاجر المحض من دون توسط التحبب للمولى، فلابد في صحة العبادة مع قصده من ضم الداعي القربى بنحو يستقل بالتأثير، بحمل النفس على ذلك، ولو بترويضها عليه لأجل الغرض الدنيوي المذكور، وإلا أشكل صحة العبادة، كما هو الحال في جميع الدواعي المباحة غير القربية، على ما يذكر في مباحث النية من الفقه.
الامر الرابع: وقع الكلام بينهم في وجود العبادة الذاتية التي لا تناط بقصد التقرب للمعبود الذي سبق توقفه على محبوبية العمل له، بل تصدق على العمل ولو مع نهي المعبود عنه، المستلزم لمبعديته منه.
وهي وإن كانت خارجة عن محل الكلام، لما سبق من أن المراد بالتعبدي في هذا التقسيم ما يتوقف سقوط أمره على امتثاله بوجه قربي، إلا أن مناسبتها له تقتضي ذكرها في المقام استطرادا.
فاعلم أنه صرح بعضهم بوجود العبادة الذاتية، ومثل لها بالركوع والسجود ونحوهما.
ومنع منها آخرون، منهم سيدنا الأعظم (قدس سره) مدعيا أن المعيار في العبادية قصد ملاك المحبوبية للمولى، ولا تصدق بدونه. بل ذكر أن الالتزام بتحقق العبادة الذاتية له تعالى مانع من النهي عنها لحسنها ذاتا.
والذي ينبغي أن يقال: الظاهر أن العبادة متقومة عرفا بخضوع العابد للمعبود بمرتبة عالية بحيث يكون فانيا أمامه، ولا استقلال له معه.