والكون في المسجد للاعتكاف، حيث يمكن الشروع فيهما قبل الفجر والبقاء عليهما لما بعد المغرب ليحصل المطلوب منهما في تمام وقته وبين الحدين، ويكون الطرفان المكتنفان له مقدمة علمية، ليتيسر بها إحراز الامتثال، وفي مثل ذلك لا يهم البناء على مقارنة البعث للانبعاث أو على الترتب بينهما.
وهذا بخلاف مثل الصلاة، حيث لا مجال لتوقيتها بوقت خاص بنحو يشرع بها في أوله، ويفرغ منها في آخره، وتطابقه دقة، لتعسر امتثالها بالنحو المذكور، بل تعذره عادة.
بقي في المقام أمور الأول: لا ريب في عدم دلالة الامر بالموقت بوجه على وجوب تداركه بعد الوقت لو فات فيه، كما ذكره غير واحد، لان التوقيت من أنحاء التقييد وحيث كان تعذر القيد موجبا لتعذر المقيد تعين قصور دليل الامر بالمقيد عن إثبات وجوب فاقد القيد عند تعذره، بل قد يكون ظاهرا في عدم وجوبه، كما لو كان مفاد التقييد حصر الفعل المشروع بالمقيد لا مجرد الامر به، كما في مثل: " لا صلاة إلا بطهور " (1) فلابد في وجوب التدارك بعد الوقت من دليل آخر غير دليل الامر بالموقت.
وتوضيح الكلام في ذلك يقتضي الكلام أولا في أنحاء التقييد بالوقت الممكنة ثبوتا، ثم في مفاد الأدلة إثباتا.
المقام الأول: في مقام الثبوت لما كان أخذ الوقت في الواجب عبارة عن تقييده به فأخذ القيد في الواجب يكون..