ولا يتسنى لنا الجزم بتلازم أدوات الشرط في ذلك، وإن كان مظنونا لعدم وضوح كون المعيار في جعلهم لها من أدوات الشرط ملاحظتهم إفادتها الخصوصية المستلزمة للمفهوم، بل لعله ناشئ عن مجرد إفادتها الارتباط بين المقدم والتالي، نظير ما تقدم من المنطقيين، فيكون مصطلحا نحويا لا يصلح لتحديد المفهوم اللغوي والعرفي للأدوات المذكورة.
هذا، والظاهر استفادة المفهوم من الشرطية الخالية عن الأداة، وهي المتضمنة لجواب الطلب، نحو: أسلم تسلم، لقوة ظهور هيئتها في الإناطة والتعليق، ويؤيده صحيحة جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال له رجل:
جعلت فداك إن الله يقول: (ادعوني أستجب لكم) وإنا ندعو فلا يستجاب لنا، قال: " لأنكم لا توفون بعهده، وإن الله يقول: (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم) والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم " (1).
نعم، يشكل استفادته من الحملية المشعرة بالشرط، وهي التي يكون المبتدأ فيها موصولا والخبر مقترنا بالفاء، نحوا لذي يأتي فله درهم، فإنهم وإن ذكروا أن دخول الفاء مشعر بتضمن الموصول معنى الشرط، إلا أن المتيقن منه تضمنه له من حيثية إفادة كون الصلة علة للخبر، لا من حيثية الإناطة والتعليق.
التنبيه الثاني: أشرنا آنفا إلى أن المعيار في استفاده المفهوم من القضية دلالتها على انتفاء سنخ الحكم حال عدم الشرط، لا انتفاء شخصه. فقولنا:
أكرم زيدا إن جاءك لما كان دالا على وجوب الاكرام عند المجئ، فانتفاء الوجوب المذكور حال عدم المجئ لعدم تحقق موضوعه لا ينافي ثبوت فرد آخر من وجوب الاكرام في حال المرض مثلا، ليستلزم المفهوم، وإنما المستلزم