الفعل مختص بالتعييني.
نعم، لو أريد من الوضع ما يعم فعل سبب الاختصاص بين اللفظ والمعنى - وهو الاستعمال - وإن لم يقصد حصوله به - كما قد يظهر من بعضهم - لا جعل نسبة الاختصاص المذكورة بالمباشرة صح إطلاقه على الأول، لكنه بعيد، والامر سهل.
ثم إن الظاهر أن الوضع التعييني يتضمن جعل نسبة الاختصاص بين اللفظ والمعنى وإنشاءها المستلزم لاعتبارها عرفا، وهي مسانخة للنسبة الحاصلة عرفا بسبب كثرة الاستعمال. فكما يرى العرف صحة إضافة اللفظ للمعنى بسبب كثرة الاستعمال بالنحو الخاص يرى صحة إضافته بسبب جعلها ممن بيده جعلها، فيتابع عليها، ويكون البناء على إطلاق اللفظ من دون قرينة عند إرادة المعنى متفرعا عليها، كما يكون الاستعمال نفسه جريا على طبقها، لا مقوما لها، كالتصرف المتفرع على الملكية.
وقد تقدم عند الكلام في حقيقة الامر الانتزاعي من المقدمة أن الإضافة إذا كان منشأ انتزاعها موجودا تكوينا لم يمكن جعلها اعتبارا، كالفوقية، أما إذا لم يكن منشأ انتزاعها موجودا فقد تكون قابلة للجعل، كالملكية.
غايته أن الإضافة في المقام ليست على نهج واحد، بل تختلف باختلاف الموارد، فهي في موارد الوضع التعيني غير مجعولة، لتحقق منشأ انتزاعها تكوينا، وهو حضور المعنى عند سماع اللفظ بسبب شيوع استعماله فيه بالنحو الخاص، وفي موارد الوضع التعييني لا وجود لمنشأ انتزاعها، فيمكن جعلها اعتبارا بنحو تترتب عليها الآثار عرفا، كما تترتب في الأول.
ولعل هذا هو مراد بعض الأعيان المحققين (قدس سره)، وإن لم يكن