الامر الثاني: ربما وقع الاختلاف في عدد الأحكام الوضعية..
فقيل: إنها ثلاثة: وهي السببية، والشرطية، والمانعية.
وقيل: إنها خمسة، بزيادة العلية، والعلامية.
وقيل: إنها تسعة، بإضافة الصحة، والفساد، والرخصة، والعزيمة.
وقيل: إنها غير محصورة، بل كل ما ليس بحكم تكليفي فهو وضعي.
ولا طريق لنا لتحديد المصطلح المذكور، بعد عدم الوقوف على مبدئه ومنشئه.
نعم، حيث كان سبب البحث فيها هنا هو الاختلاف في حقائقها، فالمناسب تعميم البحث لكل ما ليس بحكم تكليفي.
بل لا بأس بتعميم المصطلح فعلا لذلك، تبعا لعموم الغرض المصحح للاصطلاح، كما جرى عليه مشايخنا في العصور القريبة.
ولعل منشأ التخصيص بالبعض في كلام بعضهم عدم التوجه لعموم الغرض ولو بسبب عدم ظهور الخلاف في غيره. والامر سهل.
الامر الثالث: الكلام في حقيقة الأحكام الوضعية ليس في تحديد مفاهيمها تفصيلا، لعدم تيسر ذلك بسبب كثرتها، وبساطة مفاهيمها، وارتكازية بعضها بالنحو غير القابل للشرح والتوضيح.
مع أنه لا أثر مهم لذلك، فلو أشير إلى ذلك في بعضها فهو استطراد خارج عن محل الكلام.
بل الكلام إنما هو في جعلها شرعا، بحيث يكون لها بسبب الجعل الشرعي نحو من الوجود الصالح لترتب الأثر. لما يترتب على ذلك من الثمرة المهمة، وهي إمكان التعبد بها ظاهرا عند الشك فيها.