وأما جريانه في المنهي عنه فهو مبني على ما يأتي الكلام فيه من أن القصد القربى في التعبدي هل هو من شؤون المتعلق المأخوذة فيه، أو هو أمر خارج عنه يعتبر فيه شرعا بأمر آخر، أو عقلا في مقام الامتثال.
فعلى الثاني يجري التقسيم في النهي، حيث لا يقتضي النهي عن الماهية إلا محض الترك، وإن أمكن لزوم التقرب فيه لأمر خارج عنه تارة فيكون تعبديا، وعدمه أخرى فيكون توصليا.
أما على الأول - الذي هو الظاهر - فلا يجري في النهي، بل لا يكون النهي إلا توصليا، ولا يكون التعبدي إلا أمرا، لان قصد التقرب أمر وجودي ومقتضى الخطاب تحقيقه لا تركه، وما يقتضي فعل المتعلق هو الامر لا النهي.
غايته أن المأمور به التعبدي تارة: يكون هو الفعل المقيد بالقصد القربى، كالصلاة. وأخرى: يكون هو الترك المقيد به، كالصوم. ولعل ارتكازية الأول هي المنشأ لعدهم الصوم مأمورا به تعبديا من دون أن يبدلوا ذلك بعد ما يمسك عنه الصائم محرمات تعبدية.
الامر الثالث: ذكروا للمقربية وجوها كثيرة، كقصد الامتثال، وقصد المصلحة، وطلب الثواب وخوف العقاب - الأخرويين أو الدنيويين - وغيرها.
وفي الجواهر أن الجميع محمول على إرادة قصد الامتثال وراجع إليه.
وظاهر شيخنا الأستاذ (قدس سره) موافقته، كما قد يظهر من غيره، وعن شيخنا الأعظم (قدس سره) موافقته فيما عدا قصد المصلحة وأنه في عرضه، وربما قيل: إنها جميعا في عرض واحد.