الامر الرابع: قد يعبر عن الموجود تارة: بالامر الحقيقي. وأخرى:
بالامر الاعتباري. وثالثة: بالامر الانتزاعي.
ولا إشكال في المراد بالامر الحقيقي، وأنه عبارة عما له ما بإزاء في الخارج التكويني، وأنه يستند في وجوده لأسبابه التكوينية من دون دخل فيه للتشريع. وإن كان ربما يقع الكلام في بعض مصاديقه. وهو غير مهم في المقام.
وإنما المهم تعيين الامر الاعتباري والانتزاعي حيث وقع الكلام في حقيقتهما، وربما وقع الخلط بينهما للاشتباه في المفهوم أو المصداق.
والظاهر أن الامر الاعتباري هو المفهوم المتقرر عند الشارع، أو العرف الذي له نحو من الوجود تابع ثبوتا لجعله والبناء عليه، ممن بيده أمره من شرع أو عرف أو سلطان، ومسبب عن حكمه به، من دون أن يكون له ما بإزاء في الخارج.
وبذلك يكون متوسطا بين الامر الحقيقي والادعائي المحض، لان الأول له ما بإزاء في الخارج مستند لسببه التكويني من دون دخل للعجل والبناء فيه، والثاني لا يكون له بنظر العرف وجود مسبب عن ادعائه والحكم به، بل ليس له وراءهما شئ، كما في موارد الاستعارات والمبالغات والتنزيلات الواردة في مقام الحكم، والتي تبتني على العلاقات المجازية ونحوها.
ولا معنى لمنع وجود الامر الاعتباري بعد ما ذكرناه من فرض أن له وجودا بنظر العرف من دون أن يكون له ما بإزاء في الخارج، لان إنكار وجوده في عالم الاعتبار خلاف الفرض، وإنكار وجوده في الخارج إنكار لأمر خارج عن المدعي.