جميع موارد ثبوت الحكم التكليفي المنتزع منه، مع وضوح بطلان ذلك.
وقد اعترف (قدس سره) بذلك في النجاسة عند الكلام في حقيقتها من كتاب الطهارة، قال: " ويظهر من المحكي عن الشهيد في قواعده أن النجاسة حكم الشارع بوجوب الاجتناب استنفارا، وظاهر هذا الكلام أن النجاسة عين الحكم بوجوب الاجتناب، وليس كذلك قطعا، لان النجاسة مما يتصف به الأجسام، فلا دخل له في الاحكام. فالظاهر أن مراده أنها صفة انتزاعية من حكم الشارع بوجوب الاجتناب للاستقذار والاستنفار.
وفيه: أن المستفاد من الكتاب والسنة أن النجاسة صفة متأصلة يتفرغ عليها تلك الأحكام، وهي القذارة التي ذكرناها، لا أنها صفة منتزعة منها، كالشرطية والسببية والمانعية ".
وأما كونها أمورا واقعية كشف الشارع عنها فهو خلاف المقطوع به في أكثر تلك الأحكام، حيث لا يشك في تبعيتها حدوثا وارتفاعا للانشاء والجعل ونحوهما، من دون أن يكون لها ما بإزاء في الخارج.
نعم، قد يعتد بالاحتمال المذكور في خصوص الطهارة والنجاسة، لعدم تبعيتهما للانشاء ليدرك العرف اعتباريتهما، بل هما تابعان للأمور التكوينية الذاتية كالبولية، أو العرضية كالملاقاة للنجاسة، حيث يمكن دعوى تأثيرها لهما بلا توسط الجعل الشرعي.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم (قدس سره) من منه ذلك، لبداهة أن الطهارة والنجاسة بمعنى النظافة والقذارة من الأمور الاعتبارية العرفية، كما يشاهد أن العرف والعقلاء يستقذرون بعض الأشياء دون بعض، غايته أن الشارع قد أضاف بعض الافراد لذلك مما لا يستقذره العرف، وهو ناشئ عن