قال في الوافي - بعد نقل هذا الخبر - وفيه اشكالان: أحدهما: جواز الأخذ من الوديعة، مع أنه خيانة كما مر. والثاني: محبته عليه السلام ذلك ويمكن التفصي عنهما بحمله على ما إذا كان الغاصب المودع هو العامل، فإن ماله إما فئ للمسلمين أو هو للإمام، وللإمام الإذن في أخذه، فإن لم يكن كله للإمام، فلا أقل من الخمس، ويشعر بذلك عدم ذكر الغاصب والاتيان بصيغة المعلوم في الاستيذان، كأنه كان معلوما بينهما، وكان ممن يتقى منه. انتهى.
* * * أقول: ملخص الكلام في المقام، إن هذه الأخبار قد خرجت على أقسام ثلاثة:
(الأول): من وقع بيده مال لرجل فجحده حقه أو امتنع من اعطائه.
ولا خلاف ولا اشكال في جواز مقاصته،. وعليه تدل الأخبار الأولة.
(الثاني): من جحد وحلف.
الظاهر - أيضا - أنه لا اشكال في أنه إن استحلفه المدعي فلا تجوز المقاصة كما تدل عليه الأخبار الثانية. والخبر المنافي ظاهر - كما عرفت - في أنه محمول على حلف من عليه المال بدون استحلاف صاحب المال، وهو كمن لم يحلف إذ لا أثر لهذه اليمين اتفاقا، بل لو أحلفه الحاكم بدون طلب صاحب الدعوى، فإنها لاغية.
(الثالث): الوديعة.
وقد عرفت اختلاف الأخبار فيها.
وجمع الشيخ بينها بحمل أخبار المنع من المقاصة على الكراهة.
وما ذكره صاحب الوافي من الحمل على كون ذلك الغاصب المنكر عاملا، فالظاهر أنه بعيد عن سياق الخبرين المذكورين الدالين على ذلك.
ومن المحتمل عندي قريبا في المقام: هو الجمع بين الأخبار المشار إليها بالاتيان بالدعاء المذكور وعدمه، وأن التصرف إنما يكون خيانة مع عدمه، كما يشير إليه قوله عليه السلام في رواية الحضرمي الأولى " وإني لم آخذ الذي أخذته خيانة ولا ظلما ".