العقد في جملة المواضع المتقدمة، هو عموم أدلة البيع، مثل قوله سبحانه: " أوفوا بالعقود " و " أحل الله البيع ". ولأنه عقد صدر من أهله في محله مع الشرائط فيصح، والأصل عدم اشتراط شرط آخر، وعدم اشتراط التعدد وعدم مانعية كونه من شخص واحد وللاتفاق على الجواز في الأب والجد، وهو صريح في عدم مانعية الوحدة، وعدم اشتراط التعدد.
وأنت خبير بما في هذه الأدلة، من إمكان تعدد المناقشة، فإن للخصم أن يتمسك بأن الأصل عصمة مال الغير حتى يثبت الناقل له شرعا، وعصمة الفرج حتى يثبت المبيح. والمعهود الذي جرى عليهم الأئمة - عليهم السلام - وأصحابهم، وجملة السلف والخلف، في العقود الناقلة في بيع كان ونحوه أو نكاح، إنما هو تعدد المتولي للإيجاب والقبول، وما ذكر هنا من جواز تولي الواحد إنما وقع فرضا في المسألة ولم ينقل وقوعه في عصر من الأعصار. وبذلك يظهر لك الجواب عن الاستدلال باطلاق الآيات المتقدمة، حيث إنهم قرروا في غير مقام أن الاطلاق في الأخبار إنما ينصرف إلى الأفراد المتكررة الشائعة، دون الفروض النادرة التي ربما لا توجد، والأمر فيما نحن فيه كذلك. فالواجب حملها على ما هو المعهود المعلوم الذي جرى عليه التكليف في هذه المدة المتطاولة، وهو وقوع العقد من موجب وقابل، ويخرج موثقة عمار المتقدمة (1) شاهدا على ما ذكرنا، فإن ظاهرها: أن وجه المنع مع إذنها ورضاها إنما هو من حيث لزوم تولي طرفي العقد وكونه موجبا قابلا، وما استندوا إليه من الاتفاق على ذلك في الأب والجد، ففيه - مع الاغماض عن تطرق المناقشة إليه أيضا بعدم الدليل وعدم الاعتماد في الأحكام على مثل هذا الاجماع إن تم وما عداه محل الخلاف في المقام كما عرفت، وقولهم أنه عقد صدر من أهله في محله: أنها مصادرة محضة، فإن الخصم لا يسلم ذلك، بل هو محل النزاع والبحث،