شرحه. فقال - بعد قول المصنف " وكذا الغاصب " ما صورته: أي حكم الغاصب كالفضولي، وهو أصح الوجهين، وإن احتمل الفساد نظرا إلى القرينة الدالة على عدم الرضا، وهي الغصب.
وكذلك في الدروس، حيث قال - بعد ذكره البيع -: ولا يقدح في ذلك علم المشتري بالغصب. انتهى.
ومن العجب هنا منعه في التذكرة في بيع ما لا يملك ثم يمضي ليشتريه من مالكه ويسلمه إلى المشتري. قال: ولا نعلم فيه خلافا، لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع ما ليس عندك، ولاشتماله على الضرر فإن صاحبها قد لا يبيعها وهو غير مالك لها ولا قادر على تسليمها. انتهى.
وسؤال الفرق متجه، فإن ما ذكره من الدليلين الأولين على المنع شامل لما نحن فيه، ونسبة إجازة المالك في الفضولي بعد العقد كنسبة بيع المالك على البائع الفضولي، في أن حصول كل منهما مصحح، ويلزم بالعقد السابق. وإن كان هناك غرر كما ذكره ففي الفضولي أيضا غرر بأنه قد لا يجيز المالك أيضا، وعدم المالكية ثابتة في الموضعين، وعدم القدرة على التسليم مشترك أيضا، لأن تسليم البائع الفضولي من غير إذن المالك تصرف غصبي منهي عنه شرعا، فيصدق في حقه أنه غير قادر على التسليم شرعا.
وبالجملة فإن تجويزه في بيع الفضولي الذي هو محل البحث، ومنعه هنا مما لا وجه له.
(الثالث): ما أجابوا به عن حجة الشيخ من جهة المنع من التصرف في مال الغير بأنه مسلم، لكن إذا كان بغير الإذن، والإذن هنا موجود وهو الإجازة القائمة مقامه، ففيه ما عرفت من حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه إلا ما استثنى، وليس منه هذا ولا شك أن هذا العقد الواقع بغير إذن المالك وما يترتب عليه من دفع المبيع وقبض الثمن من ذلك القبيل، وإذنه أخيرا لا يخرج تلك التصرفات السابقة عن أن تكون غصبا. نعم يعفى عما جناه من ذلك، كما لو جنى شخص على شخص ثم أبرأه من ذلك. ولو لم يأذن المالك.