أما صدوره من أهله فلصدوره من بالغ عاقل مختار، ومن جميع الصفات كان أهلا للايقاعات، وأما صدوره في محله فلأنه وقع على عين يصح تملكها وينتفع بها، وتقبل النقل من مالك إلى آخر، وأما الصحة فلثبوت المقتضي السالم عن معارضة، وكون الشئ غير مملوك للعاقد غير مانع من صحة العقد، فإن المالك لو أذن قبل البيع لصح فكذا بعده، إذ لا فارق بينهما.
واحتج أيضا بما رواه عن عروة البارقي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة، فاشترى شاتين ثم باع إحداهما بدينار في الطريق. قال فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدينار والشاة فأخبرته، فقال: بارك الله لك في صفقة يمينك (1).
واحتج الشيخ في الخلاف على ما ذهب إليه من القول بالبطلان باجماع الفرقة.
قال: ومن خالف لا يعتد بقوله، لأنه لا خلاف في أنه ممنوع من التصرف في ملك غيره والبيع تصرف، وأيضا روى حكيم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن بيع ما ليس عنده (2)، وهذا نص وروى شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا طلاق إلا فيما يملك، ولا عتق إلا فيما يملك، ولا بيع إلا فيما يملك (3) فنفى عليه السلام البيع في غير الملك ولم يفرق.
وأجاب القائلون بالصحة عن الاجماع بمنعه مع وجود المخالف وهو من جملة المخالفين في نهايته، وعن المنع من التصرف في ملك الغير بأنه مسلم، لكن إذا كان بغير إذنه والإذن هنا موجود، وهو الإجازة القائمة مقامه. وعن النفي بأنه إذا دخل على حقيقة، أريد به نفي صفة من صفاتها، فيكون المراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " لا بيع إلا فيما يملك ": لا لزوم للبيع إلا فيما يملك، وإلا لزم بطلان بيع الوكيل والوصي والولي، فيكون المراد: لا بيع إلا فيما هو ملك أو كالملك بسبب الإذن وقد حصل.