عن البلوغ والعقل والاختيار، ففيه: منع ظاهر، لأن الخصم يقول: إن الأهلية عبارة عن ذلك بإضافة المالكية للأصل أو التصرف، ولا يسلم له ما ادعاه من أهلية الفضولي، وإن الأهلية عبارة عما ذكره، بل هو أول المسألة.
وأما ما ذكره من صدوره في محله باعتبار وقوعه على عين يصح تملكها وتقبل النقل فيه، ففيه: ما في الأول، فإن الخصم يقول: إن محله المال المملوك أصلا أو تصرفا، لا ما يصلح للتملك ويقبله في حد ذاته.
وبالجملة فإن ما ذكره من الدليل مصادرة على المطلوب كما لا يخفى.
وأما ما ذكره من أنه لا فرق بين الإذن قبل البلوغ أو بعده فغير مسلم أيضا، لأن التصرف بعد الإذن شرعي بلا خلاف فلا يترتب عليه إثم ولا ضمان، وأما قبله فغصبي يترتب عليه الضمان والإثم، لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه، ومنع الشارع من ذلك. وقد صرحوا بذلك في مواضع عديدة، وإلا لجازت الصلاة في الأماكن مطلقا، وفي الثياب كذلك، وجاز أكل الغير والتصرف فيه بأنواع التصرفات، بناء على الإذن المتأخر. حيث لا فرق بينه وبين الإذن المتقدم، فإن أذن المالك وإلا غرم له أجرة ذلك، وتكون التصرفات على التقديرين تصرفات شرعية، وهو مخالف للمعقول والمنقول.
وأما ما احتج به من الرواية فلا تقوم بها حجة في هذا المجال، وإن اشتهر نقلها في كتب الاستدلال، حيث إنها عامية والعجب منه - رحمه الله - وممن تبعه في ذلك حيث إنهم كثيرا ما يطعنون في الأحاديث الصحيحة ويردونها لمخالفتها ما اصطلحوا عليه من هذا الاصطلاح الجديد، ويعتمدون هنا في أصل الحكم على رواية عامية، ويفرعون عليها فروعا ويرتبون عليها أحكاما، والحال كما ترى.
وأنت خبير بأن المفهوم من هاتين الحجتين: أن المراد بالبائع: من باع لنفسه أو للمالك - كما أشرنا إليه سابقا.
ويؤيده: أنهم جعلوا بيع الغاصب من قبيل بيع الفضولي، ومن الظاهر أن الغاصب إنما يبيع لنفسه لا لمالكه، وقد صرح بذلك العلامة في القواعد، والشيخ على في