لإفادة ما نواه.
الثالث: أن يكون قد شبه الهدى بالمركوب على طريق الاستعارة بالكناية، وجعلت كلمة " على " قرينة لها على عكس الوجه الأول. هكذا حكي عن السيد في تعاليقه (1)، والله العالم.
والذي هو التحقيق: أن علماء الأدب لما كان بناؤهم على المجازات باستعمال الحروف والألفاظ في غير الموضوع له، ابتلوا بمثل هذه المصائب، ووقعوا في هذه المصاعب.
وأنت بعدما أحطت خبرا بما هو التحقيق من أن الألفاظ تستعمل في معانيها الأولية، ولكن تلك المعاني تارة تكون مرادة جدا، وأخرى تكون مرادة استعمالا، ينتقل ذهن المستمع والمخاطب إلى مرامه، لوجود القرائن المختلفة المرعية في كلامه أو حال تكلمه، فإذا قيل: * (أولئك على هدى من ربهم) *، فلا تكون " على " إلا مستقلة فيما هو معناها حقيقة في الإرادة الاستعمالية، ولكن المتكلم ينتقل من هذا الاستعمال إلى ما هو غرض المتكلم من الجملة، وهو أن المتقين مسيطرون على الهداية، وتكون الهداية تحت قدرتهم.
أقول: أولا: ليس ما اشتهر: من أن " على " للاستعلاء و " من " للابتداء، على الحق، بل لو كان الأمر كما حرروه لما كان تحتاج الجملة - بعد الإتيان بالمفهوم الاسمي مكان الحرف - إلى ذلك الحرف، مثلا إذا قيل: * (أولئك على هدى) * فمعناه أولئك استعلوه، ولكنه غير صحيح، لأن معنى استعلوه، أي