المتقي بنعت الاتقاء فقط.
أقول: لو تم هذا الاستدلال للزم المكاذبة والمناقضة بين صدر الآية وذيلها، لأن قوله تعالى: * (وأولئك هم المفلحون) * ظاهر في استناد الفلاح إليهم، وأنهم هم الفائزون حقيقة، ولا يصح المدح والثناء على فعل غير اختياري.
وحل المشكلة: أن مقتضى ما برهن [عليه] في محله أن جميع الصور والكمالات تفاض من الغيب، وتتنزل من سماء الحق والعظمة حسب اختلاف الاستعدادات، ويكون اختلاف الاستعدادات مستندة إلى الأسباب الاختيارية وغير الاختيارية، ومن الأسباب الاختيارية الجد والاجتهاد في فهم الواقعيات، فإذا قام الإنسان، وسلك طريق الوصول إلى الحقائق والتوحيد والإيمان، هداه الله تعالى، فيكون من * (أولئك على هدى من ربهم) *، ولمكان قيامهم بتحصيل تلك الهداية، يكون أولئك هم المفلحين، فإذا كانت إرادتهم دخيلة في حصول صورة الهداية يصح مدحهم والثناء عليهم.