الحكم الإرشادي دون التحريم الشرعي.
وبالجملة: يخطر بالبال أن يقال: إن الإعانة على الطغيان والإثم والكفر ممنوع حتى عليه تعالى، وفي الموارد التي يمدهم الله في طغيانهم:
إما يكون ذلك لا عن استحقاق فهو أفحش، وإن كان عن استحقاق ويتمكن من ترك الإعانة فيجب، وإن لا يتمكن يلزم عدم قدرته وإرادته تعالى، وهو أشد فسادا وأظهر بطلانا.
ولأجل ذلك وأمثاله يلتزم الفقيه في هذه الآيات بالتأويل والتوجيه، المنتهي إلى تحديد الله تعالى أيضا في عموم نفوذ قدرته وحكمته، حذرا عن سوء الأدب إلى ساحته ومقامه، غفلة عن أنه في ذلك ربما يلزم الفساد الأكثر وسوء الأدب الأشد، وتكون الآية المشار إليها - المشتملة على النهي - دليلا على أن المراد بقوله تعالى: * (يمدهم في طغيانهم يعمهون) * أنه يتركهم ويدعهم ويكلهم إلى أنفسهم، ويفوض الأمر إليهم، ويخرجون بذلك عن حكومته تعالى في اعتبار كما لا يخفى.
وسيظهر في البحوث الآتية - المتكفلة بهذه المسألة - كيفية حل المعارضة بين الإرادة التشريعية التحريمية والتكوينية الإمدادية، فاغتنم.