إليك وما أنزل من قبلك) * (1) مع أن النازل كثير قطعا، والمنزل هو الله تعالى، وجبريل هو الواسطة بالضرورة، فيصدر الكثير منه تعالى، ويسقط الرأي السخيف المزبور.
أقول: من استدل بهذه الآية لا يخلو عن الانحراف، فإن القرآن كثيرا ما ينسب النزول إلى ملك الوحي، قال في سورة الشعراء: * (نزل به الروح الأمين على قلبك) *، فربما كان في الإتيان به هنا مجهولا إشارة إلى صحة القاعدة المزبورة.
هذا، ولا معنى للتمسك بمثله، بل القرآن من أوله إلى آخره يسند الأفعال الكثيرة إليه تعالى، فلو كان الاستدلال المزبور صحيحا لصح هذا، وحيث إن المحرر في محله: أن الحقائق الحكمية والدقائق العلمية، لا تقتنص من الإطلاقات اللغوية، ولا من الدلالات الوضعية، فلا معنى للغور في رد المسائل الفلسفية إلا في صورة عدم قيام البراهين العقلية القطعية، وكأنه يتمسك الأخباري بالأخبار والآثار على جواز اجتماع النقيضين، فكما أنه ليس من الاستدلال المفيد، كذلك الأمر هنا، فلابد من إقامة البراهين على وجوب صدور الكثير، أو رفض البراهين القائمة على امتناعه، حتى يمكن التمسك بالظواهر على فرض حجيتها في هذه المراحل، فلا تخلط.