هذه الأعصار وتلك الأمصار - مما لا يمكن عادة، ولا سيما مع كثرة المهلكات والموبقات وقلة المنجيات وأسباب الهداية.
ولكن لما كان القنوط واليأس من جنود الجهل، وعلى ضد الفطرة السليمة والطينة المخمورة، ويكون من توابع الفطرة المحجوبة، وربما يعد من المعاصي الكبيرة، ومن الموانع عن الاهتداء، ويكون سدا عن السعادة والسيادة، ولما كان الإنسان ذا طبيعة مصحوبة بالمادة والإمكانات الاستعدادية، وذا سجية كامنة فيها قوة الوصول إلى الخيرات والسعادات الدنيوية والأخروية في جميع الأحيان والأزمان، ولا تحتجب المادة الحاملة للصورة الإنسانية عن جلوات الحق وتجليات الرب، فلابد ويجب عليه السعي البليغ والاجتهاد الواسع والقيام القاطع، لنيل تلك السعادة ودرك المعارف الحقة، والوصول إلى حمام الصلح وعنقاء الوجود، بتوسيط الأسباب الخاصة وتسبيب المعدات الممكنة، وبالرجوع إلى أرباب الأنفس القدسية، ومزاولة النفوس الراقية المرشدة والأولياء الكملين والأذكياء والأبرياء، مع تطبيق القواعد الشرعية الإلهية والوظائف التكليفية الإسلامية على أقواله وأفعاله وأعماله، راجين - في عين الجد والانتهاض - من الله العزيز الإمداد الغيبي والإعانة السرمدية والعون الأحمدي والمحمدي والإعداد العلوي، ومتوجهين إلى الوسائل الزاكية بالإخلاص والتقوى، ومتعوذين بالله تعالى من شر الشيطان الرجيم اللئيم، ومن كل دابة هو آخذ بناصيتها مترنمين بالآيات الرحمانية والأشعار العرفانية والمدائح الإيمانية.
وبالجملة: إذا غلبته الشقوة من كل جانب، فعليه أن يطوف حول