والإتيان بالماضي للمشاكلة (1).
ولا يخفى ما فيه مع أن المشاكلة صفة متأخرة عن الحقيقة، ولا يتقدم عليها. فلا تغفل.
والذي هو الأقرب إلى أفق التحقيق - بعد الإقرار بأن الأفعال، ولا سيما صيغة الماضي مقرونة بالدلالة على الزمان الماضي، خلافا لكثير من الفضلاء والمحصلين من الأصوليين - أن هذه الكريمة بعد كونها في مقام المدح لا تكون قضية خارجية، ولا دالة على الأمر الخارجي، بل هي قضية صادقة بالنسبة إلى التلبسات في الزمان الآتي بعد التلبس به وبعد حصول ذلك الزمان، مثلا إذا نزلت بعد هذه السورة سورة، فلا شبهة في أنه يصدق عليها أنها نزلت عليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويكون داخلا في قوله تعالى: * (الذين يؤمنون بما أنزل إليك) *. هذا بالنسبة إلى ما كان ينزل بعد ذلك، وبعد مضي الزمان عليه، وأما قبل النزول فربما لا يكون معلوما للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فضلا عن غيره، فلا معنى للإيمان بما ينزل إليه بعد ذلك مع الجهل به.
فبالجملة: لابد من الإتيان بصيغة الماضي، لأن جميع القرآن هو الذي نزل، ولا شئ وراءه، وربما كان لا ينزل واقعا بعد نزول السور السابقة.
نعم لا شبهة في شمول هذه الآية للإيمان بنفسها حين النزول، ولكنه بدلالة أخرى غير دلالة صيغة الماضي.
فتحصل حتى الآن: أن ما انزل إليه لا ينطبق إلا على السور السابقة،