وعصينا) *، أي فهمنا قولك، ولم نأتمر لك، وكذلك قوله: * (سمعنا وأطعنا) * أي فهمنا وأطعنا وارتسمنا (1). انتهى موضع الحاجة منه.
أقول: التحقيق أن " السمع " ليس إلا بمعنى الدرك، وإطلاقه على آلة الإدراك، أو قوة الإدراك، أو على المعنى المتأخر من الإدراك، لا يكون من الحقيقة في اللغة، بل هو من باب الاستعمال، لانتقال المخاطب والمستمع - لأجل القرائن الموجودة - إلى ما هو المقصود الجدي للمتكلم، فلا يكون من استعمال اللفظ في غير ما هو الموضوع له، خلافا لأرباب الأدب قاطبة إلا من شذ.
ومما يشهد على ذلك: أن الاذن لكونها من الأعضاء المزدوجة تكون مؤنثة معنويا، بخلاف السمع.
وأيضا يشهد عليه: عدم استعماله في الكتاب بشكل الجمع، لأنه في ما هو معناه الحقيقي لا يجمع، وهو المعنى الحرفي، فتأمل.
وأيضا يشهد على ذلك: أن السمع مصدر سمع يسمع، وهكذا السماع، ولا دليل على وضع آخر له حتى يكون من الاشتراك اللفظي، كما لا يكون السماع كذلك.
ومن العجيب توهم هؤلاء القشريين: أن السمع في هذه الآية أريد منه الاذن مع أن ما هو المناسب للختم والغشاوة هو السمع المصدري، فإنه يختم ادعاء حتى لا يترتب عليه الأثر المقصود، وإذا ختمت القلوب والأبصار فهو أيضا باعتبار فعلهما وما يصدر منها، وهو الفهم والإبصار، لا