المادة والمدة، ويعرب عن ذلك قوله تعالى: * (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) * (1)، فإن الضرورة تقضي بجواز إمكان وجودهما في الرجل، وقد تبين في العصور الأخيرة ذلك كرارا، حسب ما اشتهر من الإذاعات وفي الجرائد، وقوله: * (إذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر) * (2)، * (إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين) * (3)، وهذه الآيات واضحة في هذا الاصطلاح، والآيات الاخر أيضا مثلها عندنا في إفادتها أن المراد من القلب ليس أمرا جسمانيا.
وأما كونها النفس القدسية الناطقة، أو مرتبة خاصة من النفس، كما هو مصطلح أرباب العرفان، فلا برهان عليه، ولعل الأظهر من موارد الاستعمالات القرآنية هو الأول.
وفي مصطلحاتهم: أن القلب جوهر نوراني مجرد، متوسط بين الروح والنفس، وهو الذي يتحقق به الإنسانية، ويسميه الحكيم النفس الناطقة، والروح باطنه، والنفس الحيوانية مركبه، وظاهره التوسط بين الجسد وبينه، كما مثله في القرآن بالزجاجة والكوكب الدري والروح بالمصباح في قوله تعالى * (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة) *، فالشجرة هي النفس، والمشكاة هي البدن، والقلب هو المتوسط في الوجود، ومراتب التنزلات بمثابة اللوح