الصلاة المتوسطة بين الطهارتين لاحتمال أن يكون الخلل واقعا من الطهارة الأولى، وأما الفريضة الأخيرة فصحيحة، وهذا واضح مع الحكم بصحة الوضوء الثاني كما اخترناه، فإن الأخيرة حينئذ واقعة بوضوء صحيح إما الأول أو الثاني، وإما على تقدير العدم فيعيدهما معا، وبه صرح ابن إدريس بناء على أن الوضوء الثاني عندهم لم يحصل به رفع ولا استباحة، واختاره في المختلف لاشتراطه ذلك في النية أيضا. ويأتي على ما ذهب إليه جمال الدين والعلامة في المنتهى واختاره بعض محققي متأخري المتأخرين أيضا عدم إعادة شئ من الصلاتين، ثم إنه يأتي على القول الأول والثالث عدم إعادة الوضوء لحصول طهارة صحيحة عنده على الأول وصحتهما لعدم تأثير الشك في شئ منهما على الثالث، وعلى الثاني تجب الإعادة لعدم صحة شئ منهما، أما الأولى باعتبار احتمال ترك العضو منها، والثانية غير رافعة ولا مبيحة.
واستشكل بعض مشايخنا المحققين في وجوب إعادة الصلاة المتخللة كما هو قول المبسوط أو كلتا الصلاتين كما هو القول الآخر، قائلا بأنه إنما تجب إعادة الصلاة بعد الفراغ منها على تقدير تعين فسادها، وهو إنما يحصل على تقدير حصول كل احتمال ممكن الوقوع، وما نحن فيه ليس كذلك، فإن أحد الاحتمالين الممكنين هنا كون الاخلال من الثانية فتصح الصلاتان على القولين، فوجوب إعادتهما يسلتزم نقض اليقين بالشك المنهي عنه عموما، والخروج عن القاعدة المجمع عليها المندرج ما نحن فيه تحتها عموما من أن الشك بعد الفراغ لا يلتفت إليه، وليس عدم تعين الصحة كافيا في الوجوب، وادعاء أن الشك في الصحة كالشك في أصل الايقاع - والأصل بقاء شغل الذمة بها حتى يعلم المزيل - دعوى عارية عن الدليل، وإن تمت فإنما تتم مع بقاء الوقت، لأن الشك في الايقاع بعد الفوت لا يوجب القضاء، لعدم كون وجوب الأداء كافيا في سببية وجوبه إذ هو بأمر جديد، والأمر الجديد ب " من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته " (1)