في الحدث مع يقين الطهارة لدلالة ما قدمنا من الأخبار على ذلك استشكل في صورة العكس لعدم الدليل، قائلا في توجيه الاشكال: " لأن صحيحة زرارة المتقدمة كما يمكن أن يستدل بها على عدم اعتبار الظن نظرا إلى مفهوم " ولكن ينقضه بيقين آخر " كذلك يمكن أن يستدل بها على اعتباره بمفهوم " لا ينقض اليقين بالشك " مع أن الأصل براءة الذمة " انتهى.
أقول: وفيه أن ظاهر قضية الاستدارك يوجب عدم اعتبار الظن بل مساوقته للشك ثم، وهو المفهوم من جملة الأخبار الواردة في عدم معارضة الشك باليقين ومنها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) قال: " قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره إلى قوله: فإن ظننت أنه أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا ثم صليت فيه فرأيت؟ قال: تغسله ولا تعيد الصلاة. قلت ولم ذلك؟ قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا " ومن المعلوم أن المراد بالشك هنا ما يشمل الظن، ومثله في الأخبار غير عزيز يقف عليه المتتبع.
ثم أقول: أنت خبير بأن الأصحاب (نور الله تعالى مضاجعهم) لما بنوا الأحكام الشرعية على ما في الواقع ونفس الأمر وحملوا العلم واليقين في الأخبار المتعلقة بتلك الأحكام على ما هو المطابق للواقع، أشكل عليهم المخرج في موارد كثيرة تقف عليها في أثناء مباحث هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، وأنت إذا تأملت بعين التحقيق والانصاف علمت أن الله سبحانه لم يجعل شيئا من الأحكام الشرعية منوطا بالواقع ونفس الأمر دفعا للحرج ولزوم تكليف ما لا يطاق، فإن يقين الطهارة من النجاسة الذي أوجب الشارع البناء عليه ودفع الشك في لباس المصلي وبدنه وماء طهارته ونحوها