الضرورة ولا على مجرد الجواز كما لا يخفى ولعل الأقرب الحمل على التقية (1) إلا أن
(١) اختلف فقهاء المذاهب في التمندل بعد الوضوء، ففي المدونة لمالك ج ١ ص ١٧ " لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء، وتبعه الزرقاني في شرح مختصر أبي الضياء ج ١ ص ٤٧ قال: " لا يندب ترك مسح الأعضاء بخرقة بل يجوز " وفي المغني لابن قدامة الحنبلي ج ١ ص ١٤١ " لا بأس بتنشيف أعضائه بالمنديل من بلل الوضوءوالغسل " قال: " وممن روى عنه أخذ المنديل بعد الوضوء عثمان والحسن بن علي وأنس وكثير من أهل العلم، ونهى عنه جابر بن عبد الله، وكرهه عبد الرحمان بن مهديوجماعة من أهل العلم " وفي المنهاج للنووي الشافعي ص ٤ " من سنن الوضوء ترك التنشيف في الأصح " وفي الوجيز للغزالي " لا ينشف الأعضاء فهي سنة على أظهر الوجهين " وفي شرح المنهاج لابن حجر ج ١ ص ١٠١ " أن النووي في شرح مسلم اختار إباحة التنشيف مطلقا " وفي شرح الدار المختار للحصكفي الحنفي ج ١ ص ٢٥ " من آداب الوضوء التمسح بمنديل ".
ولا يفوت القارئ الكريم الوقوف على شئ طالما طعن أهل السنة به على الشيعة الإمامية وهو العمل بالتقية التي جوزها الكتاب المجيد حيث يقول في آل عمران ٢٨:
" لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة " ويقول في النحل ١٠٦: " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان " ولم يتباعد عن العمل بالتقية علماء أهل السنة، ففي تفسير الآلوسي ج ٣ ص ١٢١ في الآية الأولى " أن فيها دلالة على مشروعية التقية، وعرفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء سواء كان العداء لأجل اختلاف الدين أو للأغراض الدنيوية " ثم قال:
" وعد قوم من باب التقية مداراة الكفار والظلمة والفسقة بالتبسم في وجوههم والانبساط معهم " وقال ابن العربي في (أحكام القرآن) ج ٢ ص ٢٢٣ في الحجرات ٢ " ولا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ": جوز الشافعي ونظراؤه الائتمام في الجماعة خلف الفاسق ومن لا يؤتمن على حبة من مال، وأصله أن الولاة الذين يصلون بالناس جماعة لما فسدت أديانهم ولم يمكن ترك الصلاة معهم ولا يستطاع إزالتهم صلى معهم وراءهم، ومن الناس من إذا صلى معهم تقية أعادها ومنهم من يكتفي بها، وأنا أقول بوجوب إعادتها سرا ولكن لا ينبغي ترك الصلاة معهم " وقال الآلوسي المفسر في رسالته (الأجوبة العراقية) ص ٢٢٥:
والمسألة ٢٢ - كنت أصلي الظهر في البيت بعد صلاة الجمعة وأنكر في قلبي على من يصليها في الجامع جماعة وأنه ليضيق صدري ولا ينطلق لساني " وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي ج ١ ص ٤٨٢ " لا تصح إمامة الفاسق مطلقا وإذا لم تصح صلى معه دفعا للأذى ويعيد، وقرأ المروزي على أحمد بن حنبل أن أنس بن مالك كان يصلي المكتوبة في منزله ويصلي الجمعة خلف الحجاج فلم ينكر ذلك أحمد " وفي مناقب أبي حنيفة للخوارزمي ج ١ ص ١٧١ حيدر آباد " أن أبا حنيفة كأن يقول أمام ابن هبيرة: " عمر أفضل من على تقية " وفيه ص ١٧١ وفي مناقبه للبزار في ذيل مناقبه للخوارزمي ص ١٧٢ " كان المشايخ في زمان بني أمية لا يذكرون عليا (ع) باسمه خوفا منهم والعلامة بينهم إذا رووا عن علي أن يقولوا قال الشيخ كذا، وكان الحسن البصري يتقى في الرواية عن علي بن أبي طالب فيقول روى (أبو زينب) كناية عنه خوفا من بني مروان " وروى ابن قدامة في المغني ج ٢ ص ١٨٦ عن أبي الحارث " أنه لا يصلي خلف مرجئ ولا رافضي ولا فاسق إلا أن يخافهم فيصلي ويعيد " ولم يتعقب هذه الرواية. وفي تاريخ بغداد للخطيب ج ١٣ ص ٣٨٠ " كان أبو حنيفة يعمل بالتقية خوفا " وفي تفسير المنار ج 3 ص 281 و (اقتضاء الصراط المستقيم) لابن تيمية ص 176 و (التبصير في الدين الاسلامي) للاسفرائيني ص 164 و (الروض الباسم) للوزير اليماني ج 2 ص 41 والنجوم الزاهرة لابن تغربردي الحنفي ج 2 ص 219 ما يؤيد ذلك.