" أن الفرض في الوضوء إنما هو غسلة واحدة، ووضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) للناس غرفتين لتلك الغسلة " فهو تحديد منه لما لم يرد له من الله تحديد ليس بتعد من حد، وأما الثنتان في قوله: " واثنتان لا يؤجر " (1) فالمراد بهما الغسلتان، والمراد بالواحدة والثنتين في قوله: " من لم يستيقن أن الواحدة من الوضوء تجزيه لم يؤجر على الثنتين " الغرفة والغرفتان، والدليل على هذا التأويل ما مضى من حيث زرارة وبكير:
" فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذراع؟ فقال: نعم أن بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كله " انتهى.
وظني أن هذا الاحتمال أقرب من تلك الاحتمالات إلى الروايات، لكن لا على ما يفهم من كلامه (رحمه الله) من حمل لفظ الواحدة والمرة على الغسلة كائنا ما كان، بل على ما تقتضيه القرائن الحالية وتساعده المقامات المقالية، ومن أن الغسلة المفروضة يستحب أن تكون بغرفتين دائما، كما ذكره في توجيه رواية مؤمن الطاق (4) من حمل الوحدة على الغسلة والتثنية على الغرفة، وأن ذلك تحديد منه (صلى الله عليه وآله) لما فرضه الله تعالى، فإنه خلاف ما استفاض عنه (صلى الله عليه وآله) في حكاية وضوئه وعن أبنائه (عليهم السلام) في الحكاية عنهم من أن الوضوء غرفة غرفة، إذ لو كان قد وقع الغرفتين حدا لتلك الغسلة بمعنى أنه سن أن تكون الغسلة بغرفتين، لكان هو (صلى الله عليه وآله) أولى من لازم عليه كما ندب إليه، وأبناؤه (عليهم السلام) أولى من أحيى سنته ونهج طريقه، بل الظاهر أن المراد منها أن الفرض الذي أوجبه الله تعالى في الوضوء الغسل ولو كالدهن، وهو يحصل بالغرفة المتعارفة الغير المبالغ فيها،