المشهور من سقوط الوجوب فيجوز مسحها دفعة واحدة بالكفين وتقديم اليمنى على اليسرى وبالعكس. و (ثالثها) - التخيير بين المقارنة وتقديم اليمنى دون العكس، نقله في الذكرى عن بعضهم، وهو ظاهر المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر في البداية والوسائل واختاره بعض فضلاء متأخري المتأخرين.
والظاهر منها هو الأول، ويدل عليه حسنة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " امسح على القدمين وابدأ بالشق الأيمن ".
وما رواه النجاشي في كتاب الرجال (2) بإسناده عن عبد الله بن أبي رافع وكان كاتب أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول: " إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده " وما استند إليه أصحاب القول المشهور - من اطلاق الأوامر وصدق الامتثال الذي هو غاية ما اعتمدا عليه - ففيه أنه يجب تقييد مطلق تلك الأوامر بما ذكرنا من الأخبار، وصدق الامتثال مع ما ذكرنا ممنوع.
والجواب - بحمل الأخبار على الاستحباب وإن كان الأمر من حيث هو حقيقة في الوجوب كما برهن عليه في الأصول، معللا بكثرة الأوامر في الشريعة للندب، فلا وثوق في الاحتجاج بها على الوجوب الموجب لاشتغال الذمة، كما اعتمد عليه جملة من فضلاء متأخري المتأخرين وردوا لأجله الأوامر في جملة من الأحكام - مردود بأنه تخريص في الدين وجرأة على سيد المرسلين، فإنه كما أن الأصل براءة الذمة كما تعلقوا به وردوا لأجله تلك الأوامر فلا يثبت اشتغالها إلا بدليل، كذلك الأصل في الأمر الوجوب كما هو المسلم فلا يخرج عنه إلا بدليل، وكثرة ورود الأخبار للندب - معتضدا أكثرها بالقرائن الحالية والمقالية على ذلك - لا يقتضي حمل ما ليس عليه،