- حيث قال: " الموالاة واجبة في الوضوء، وهو أن يتابع بين الأعضاء مع الاختيار وإن خالف لم يجزه " - ظاهرة الدلالة على الابطال مع المخالفة اختيارا كما نسبه إليه جمع من المتأخرين.
ونقل الصدوق في الفقيه (1) عن أبيه في رسالته إليه أنه قال: " إن فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه فأتيت بالماء، فتمم وضوءك إن كان ما غلسته رطبا، وإن كان قد جف فأعد وضوءك، فإن جف بعض وضوئك قبل أن تتم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء، فاغسل ما بقي جف وضوؤك أو لم يجف " انتهى. ويظهر منه أن أي الفردين من مراعاة الجفاف والتتابع حصل فهو كاف في صحة الوضوء، فلو تابع بين أعضاء الوضوء واتفق الجفاف لضرورة كان أم لا صح وضوؤه، ولو لم يتابع بل فرق بين الأعضاء لعذر كان أم لا روعي الجفاف وعدمه، فإن حصل بطل وضوؤه وإلا فلا.
وإلى هذا القول مال جملة من أفاضل متأخري المتأخرين: منهم - المحدث الشيخ محمد ابن الحسن الحر العاملي في كتاب البداية وكتاب الوسائل، حيث خص الابطال بجفاف السابق بصورة التراخي والتفريق (2) وبذلك يصير في المسألة قول رابع.
ثم إن ظاهر القول بكون الموالاة أحد واجبات الوضوء ترتب الإثم على تركها، وبذلك صرح أصحاب القولين المذكورين، وأن القائلين بمراعاة الجفاف صرحوا بأنه مع التفريق بين الأعضاء حتى يجف السابق يأثم ويبطل الوضوء، بل صرح الشهيد منهم في الدروس والبيان بأنه يأثم مع التفريق إذا فرط في التأخير عن المعتاد وإن لم يبطل إلا مع الجفاف، والقائلون بالمتابعة صرحوا بالإثم مع الاخلال بها وعدم البطلان إلا بالجفاف، وبعضهم - كما تقدم قال بالإثم والابطال مع الاخلال بها. وفي ثبوت الإثم المذكور من الأدلة اشكال، لعدم ما يدل عليه ولو في الجملة، ومن ثم ذهب بعض من محققي متأخري المتأخرين إلى شرطية الموالاة في الوضوء بمعنى توقف صحته عليها، فغاية