والجواب أن ظاهر الأخبار المذكورة أن المراد بالمتابعة فيها هو الترتيب بين الأعضاء بتقديم محقه التقديم وتأخير ما حقه التأخير، فالمراد من المتابعة فيها من باب تبع فلان فلانا إذا مشى خلفه لا المتابعة بمعنى اللحوق والقرب والدنو كما هو المدعى، بقرينة قوله في الرواية الأولى: " كما قال الله تعالى: أبدأ بالوجه.. الخ " على وجه التفسير والابدال والتعليل، وقوله في الثالثة قبل هذا الكلام: " إذا نسي الرجل أن يغسل يمينه فغسل شماله ومسح رأسه ورجليه وذكر بعد ذلك، غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه، وإن كان إنما نسي شماله فليغسل الشمال ولا يعتد على ما كان توضأ، وقال:
اتبع... الخ " وقوله في الثانية بعد أن سأله الراوي عن رجل نسي من الوضوء الذراع والرأس قال: " يعيد الوضوء، أن الوضوء... إلخ " على أنه لو تم ما ادعوه منها لوجب الحكم بالبطلان دون مجرد الإثم بالمخالفة، لعدم الاتيان بالفعل على الوجه المأمور به شرعا وأكثرهم لا يقول به كما عرفت، وما ذكرناه في معاني الأخبار المذكورة إن لم يكن متعينا لما ذكرنا من قرائن سياقها فلا أقل أن يكون هو الأظهر، وبذلك يبطل الاستناد إليها فيما ذكروا، ومنه يعلم ضعف الاعتماد عليها في ثبوت الإثم لمن أخل بالمتابعة كما يدعونه، فضلا عن حصول الابطال معه كما ادعاه في المبسوط.
و (منها) - أخبار الوضوء البياني (1) فإنها مبينة للأمر المجمل في الوضوء.
والجواب أنه وإن كان كذلك كما حققناه آنفا، إلا أنه إنما يحتج به مع عدم الدليل من خارج يقتضي تقييد مطلقه وتبيين مجمله، والأخبار الدالة على تخصيص الابطال بالجفاف في صورة التفريق مخصصة، على أنه يمكن منع دلالة الوضوء البياني هنا على الوجوب بالحمل على أن ذلك مقتضى العادة في مثله، وجريان مثل ذلك في أعلى الوجه ومرفقي اليدين ممنوع، والغسل في كل منهما مجمل والوضوء البياني مبين له.
و (منها) - موثقة بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " إن