قال: والظاهر من الأخبار بعد التأمل فيها ومراجعة ما حررناه أن استئناف الغرفة الثانية غير مأجور عليه، وأن الاقتصار على الغرفة مع إمكان شمولها العضو ولو بالمبالغة فيها كما أو كيفا هو الأولى، وأنها ليست بمحرمة بل هي غاية الحد في الوضوء الذي لا يجوز تعديه، من زاد عليه فقد أبدع " انتهى كلامه زيد مقامه.
وعندي فيه تأمل من وجوه: (أحدها) - أن الظاهر - من الأخبار الدالة على إجزاء ما يحصل به مسمى الغسل ولو بالدهن، وبه قال الأصحاب أيضا - الاكتفاء في غسل العضو بالغرفة اليسيرة جدا، وحينئذ فالظاهر من قول العلامة في المختلف - أنه مع عدم كفاية الكف الأول في غسل العضو يجب الثاني ولو لم يكفيا وجب الثالث وهكذا - إنما هو من قبيل الفرض في المسألة لا أنه كذلك حقيقة، حتى يصح جعل ما لو اختار غسل العضو بغرفتين موزعتين مع إمكان شمول الأولى له مطرحا لخلاف آخر في المسألة أيضا.
(ثانيها) - أنك قد عرفت أن جملة من الأخبار دلت على كون الثانية اسباغا، وأنه (صلى الله عليه وآله) قد سنها لذلك. ولا مجال لحملها على الغسلة، لما فيه من المنافاة لأخبار الوحدة، كما عرفت وحققه هو أيضا (قدس سره) في أول كلامه، فتحمل على الغرفة، ومن الظاهر حينئذ أنها أعم من أن تكون الأولى تأتي على العضو كلا ولم يغسل بها أم لا، وبذلك يظهر ما في دعواه (قدس سره) في آخر كلامه:
أن الظاهر من الأخبار بعد التأمل فيها أن استئناف الغرفة الثانية غير مأجور عليه، فإنه غفلة زائدة عن ملاحظة هذه الأخبار ولا سيما روايتي الكشي وعلي بن يقطين (1) إلا أن عذره فيهما ظاهر، حيث لم يتعرض لنقلهما في الكتاب المذكور، ولعله (طاب ثراه) لم يطلع عليهما أو لم يخطرا بباله حال التصنيف.