يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال اجتنب أفنية المساجد، وشطوط الأنهار، ومساقط الثمار، ومنازل النزال، وتستقبل القبلة بغائط ولا بول، وارفع ثوبك وضع حيث شئت...).
وروى محمد بن إسماعيل قال: (دخلت على الرضا (عليه السلام) وفي منزله كنيف مستقبل القبلة...) (1).
وأنت خبير بأن ما عدا الرواية الأخيرة ظاهرة الدلالة على التحريم كما هو القول الأول الذي عليه المعول.
وطعن جملة من متأخري المتأخرين في هذه الأخبار - بعد التمسك بأصالة الجواز - بضعف السند، فحملوها على الاستحباب ذلك، وزاد بعض منهم الطعن أيضا بضعف الدلالة، لاقتران ما ورد من النهي عن الاستقبال والاستدبار بجملة من النواهي المراد بها الكراهة، وزاد آخر أيضا - بعد الاستدلال على عدم التحريم برواية محمد ابن إسماعيل المذكورة - أنه مع قطع النظر عن ذلك فدلالة الأوامر الواردة في أخبارنا على الوجوب والنواهي على التحريم ممنوع وإن قلنا أن الأمر والنهي حقيقة في الوجوب والتحريم، لشيوع استعمال الأول في الاستحباب والثاني في الكراهة على وجه لا يمكن دفعه.
ويرد على الأول أنه لا دليل على التمسك بهذا الأصل من كتاب ولا سنة، كما بسطنا لك الكلام عليه في المطلب الأول من المقام الثالث من المقدمة الثالثة (2).
ويرد على الثاني أن ضعف السند ليس من القرائن الموجبة لصرف اللفظ عن ظاهره.