فكما أن الركعتين في صورة التخيير غير مجزئة ما دام القصد متعلقا بالاتمام فيجب ضم الأخيرتين، كذلك هنا لا يجزئ ذلك القدر الأقل لما لم يقصد الامتثال به. وإن كان قصده الامتثال بالقدر الذي قطع عليه في صورة التدريج أو أقل ما يحصل به المسمى، فالظاهر أن الزائد عليه لا يتصف بوجوب ولا باستحباب، أما عدم الوجوب فلأن الواجب الكلي قد حصل في زمن هذا الفرد الذي تعلق به القصد، وأما عدم الاستحباب فلعدم الدليل عليه، ولأن الاستحباب الملحوظ في هذا المقام إنما هو باعتبار أفضلية أحد أفراد الواجب التخييري على غيره من سائر الأفراد، وهو غير حاصل هنا. وأيضا فهو ملازم لوصف الوجوب كما عرفت، فبانتفاء الوجوب عنه ينتفي الاستحباب، ولا دليل على الاستحباب بغير هذا المعنى، بل الظاهر دخوله حينئذ في التكرار المنهي عنه في المسح نعم لو أريد بالزائد في كلامهم يعني فردا أكمل من هذا الفرد الذي تعلق به قصد المكلف لا بمعنى الباقي الذي هو ظاهر مطرح الكلام، فإنه يتصف بالوجوب والاستحباب في حد ذاته كما قدمنا بيانه، فإن اختيار المكلف فردا ناقصا من أفراد الواجب التخييري لا ينفي وصف الوجوب والاستحباب عن الفرد الأكمل منها في حد ذاته. وأما أن الباقي من المسافة الممسوحة بعد قصد الامتثال بجزء منها خاصة يتصف مسحه بالاستحباب ويترتب ثواب المستحب عليه كما هو أحد القولين، أو الوجوب كما هو القول الآخر كما هو ظاهر كلامهم، فلا أعرف له وجها. فإنه كما أن المكلف لو قصد الصلاة المقصورة في موضع التخيير ثم صلى والحال كذلك أربعا. فإن الركعتين الأخيرتين إن لم تكن مبطلة للصلاة لا أقل أن تكون باطلة، ولا يصح وصفها بالاستحباب فضلا عن الوجوب وقاصد التسبيح بأربع تسبيحات في الركعتين الأخيرتين ثم تجاوزها إلى بعض الصور الزائدة من غير عدول إليها. فإنه لا يتصف بالاستحباب من حيث التوظيف في هذا المقام وإن احتمل الاستحباب من حيث كونه ذكرا. فكذلك فيما نحن فيه، على أنه يلزم هنا خلو ذلك الزائد من النية والقصد، فكيف يتصف بوجوب أو استحباب مع كونه خاليا
(٢٧٧)