إذا عرفت ذلك فاعلم أن جل الأخبار قد اشتمل على وجوب المسح على الرأس وجملة منها قد اشتمل على وجوب مسح مقدمه، فيجب حمل مطلقها على مقيدها كما هو القاعدة المطردة.
بقي في المقام صحيحة زرارة المشتملة على مسح الناصية (1) ويمكن الجمع بينها وبين أخبار المقدم بوجوه:
(أحدها) - بما تقدم في كلام المحقق المولى الأردبيلي (رحمه الله) من حمل الناصية على المقدم، مجازا لقرينة القرب والمجاورة، أو حقيقة شرعية. ويؤيده ما صرح به الشيخ الطبرسي (رحمه الله) في كتاب مجمع البيان في تفسير قوله سبحانه: "... فيؤخذ بالنواصي والأقدام " (2) حيث قال: " والناصية شعر مقدم الرأس ".
و (ثانيها) - كون الأمر بالمسح بالناصية لكونها أحد أجزاء الموضع الممسوح ولا دلالة فيه على الاختصاص ونفي ما سوى هذا الموضع وأنه لا يجزئ المسح عليه، كما ورد في جملة من الأخبار المسح بإصبع، فإنه لا دلالة فيه على تعيين هذا القدر لا في الماسح ولا في الممسوح، ويؤيد ذلك ما ورد في الأخبار - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - من أن المرأة لا تمسح بالرأس كما تمسح الرجال، إنما المرأة إذا أصبحت مسحت رأسها وتضع الخمار عنها، إذا كان الظهر والعصر والمغرب والعشاء تمسح بناصيتها، فإن ظاهره - كما ترى - أن مسح رأسها في الصبح بعد وضع الخمار عنها في غير موضع الناصية أو زيادة عليها، بخلاف باقي الصلوات مع بقاء الخمار عليها فإنها تدخل يدها تحته وتمسح على الناصية خاصة.
و (ثالثها) - حمل المسح ببلة اليمنى على الدخول في حيز الاجزاء، بعطف قوله: " وتمسح " باضمار " أن " على قوله: " ثلاث غرفات " كما سيأتي تحقيقه،