كلهم مخالفون في هذه الكيفية ولا يوجبونها، ولا شبهة في أن الفرص عند الإمامية متعلق بمقدم الرأس دون سائر أبعاضه " انتهى.
ثم نقل شطرا من عبائر المتأخرين المشتملة على التعبير بمقدم الرأس.
وأنت خبير بعد الإحاطة بما أسلفناه أنه لا اشعار فيما بما ذكره ولا إيناس، بل هي في الدلالة على خلاف ما يدعيه عارية عن الإبهام والالتباس، وحينئذ فما ذكره (رحمه الله) بعد ذلك - من قوله: " فإن كان مراد هؤلاء المتأخرين بالمقدم الناصية، وبالناصية قصاص الشعر وما فوقه بيسير وهو ما بين النزعتين فلا كلام، وإن كان المراد ما هو أعم فالبحث أيضا جار معهم، لأنه خلاف فتوى المتقدمين من الأصحاب والنصوص واللغة " انتهى - فهو تطويل بغير طائل. وإعادة الكلام عليه بعد تحقيق ما أسفلناه تحصيل الحاصل.
وأما كلام أهل اللغة فمما استند إليه وأورده كلام القاموس، حيث قال: ".. ومقدمة الجيش - وعن ثعلب فتح داله - متقدموه، وكذا قادمته وقداماه، ومن الإبل أول ما ينتج ويلقح، ومن كل شئ أوله، والناصية، والجبهة " ثم قال (قدس سره) بعده " وهو صريح في كون المقدم هو الناصية " انتهى.
وأنت خبير بأن الظاهر من هذه العبارة بالنسبة إلى ما نحن فيه اطلاق المقدم على ثلاثة معان: (أحدها) - أول الشئ، فإذا أضيف المقدم إلى الرأس يكون بمعنى أوله. و (الثاني) - الناصية. و (الثالث) - الجبهة.
والأول منها هو الذي اتفقت عليه كلمة أهل العرف، وعليه أيضا اتفقت كلمة أهل اللغة:
فمنها - ما ذكره هنا، فإن المراد من الأول في عبارته ما قابل الآخر، كما ذكره في مادة (آخر) حيث قال: " والآخر خلاف الأول " ومن المعلوم أن الأول بالنسبة إلى الرأس هو المقدم كما أن الآخر هو المؤخر.