- أن مجرد وصول الماء إلى ما تحت الوسخ كاف في صحة الغسل، وهو مناف لما فسروا به الغسل من اشتراط الجريان في تحققه، لأن ما تحت الوسخ من جملة ما يجب غسله الذي لا يتحقق إلا باجراء الماء عليه.
نعم يظهر من شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) في بعض تحقيقاته الاكتفاء بذلك في تطهير ما تحت الوسخ من النجاسة الخبيثة، بل ظاهره نقل الاتفاق على ذلك، حيث أسنده إلى ظاهر النصوص والفتاوى، قال (قدس سره) - بعد تقرير المسألة بأن دخول الماء في الوسخ الكائن تحت الظفر هل يكفي في طهارته إذا كان نجسا؟ من حيث إنه لم يدخل فيه بقوة وجريان بل على وجه الترشح والسريان - ما لفظه: " الظاهر من النصوص والفتاوى طهارة ما أصابه الماء من ذلك وأمثاله وإن لم يصل إليه بقوة، بل يكفي مطلق وصوله إليه ونفوذ الماء في الأجزاء النجسة، وعموم الأوامر بالغسل واطلاقها يشمله، الاجماع واقع على طهارة الثوب والجلد والحشايا التي تدخل النجاسة إلى أجزائها الداخلة بوصول الماء إليها، مع عصره ما يمكن عصره كالثوب، ودق الحشايا وتغميزها لاخراج الغسالة الداخلة في أعماقها. ولا شبهة في أن دخول الماء إلى هذه الأشياء إنما هو على وجه الترشح والنفوذ اللطيف " ثم أطال في الاستدلال على ذلك بذكر النظائر لما ذكره، ثم اعترض على الأصحاب فيما أطلقوه مما قدمنا نقله عن ظاهر كلامهم، وقال بعد نقل شطر من عبائرهم في ذلك: " وظاهر هذه العبارات - كما ترى - الاكتفاء بمطلق وصول الماء إلى البشرة، لكن لما عهد من الشارع في غسل الوضوء والغسل اعتبار الجريان، فليكن هناك كذلك، إلى أن قال: ولو فرض أنهم يكتفون بمطلق وصول الماء فالأظهر عندنا أنه لا يكفي ذلك، لعدم الدليل على سقوط ما وجب فيه. ثم قال:
وعلى هذا يحصل الفرق بين طهارة ما تحت الوسخ من الخبث ومن الحدث، إذ المعتبر في طهارة الخبث مجرد وصول الماء إلى ما ذكر مع انفصال ما يمكن انفصاله عنه، وفي الحدث الجريان على نفس البشرة " انتهى كلامه زيد اكرامه.