عليه طعام محتمل لأن يكون غذاء نافعا ولا يكون سما قاتلا، فإن المخاطر بنفسه في أكله خارج عن ربقة العقلاء، فإن كان هذا في الأمور الدنيوية ففي الدينية بطريق أولى، لشدة خطرها وزيادة ضررها، فالاحتياط فيها أوجب، وحينئذ فالحديث المذكور دليل نقلي عقلي.
وهذا الدليل وما قبله مما تلجئ إليه الحاجة في جملة من الأحكام، فاحتفظ بهما فإنهما أقوى دليل في مقام الخصام.
(الخامس) - ما أفاده المحدث الأمين (قدس سره) في حاشية المدارك أيضا، من أن الأمر بالوضوء وبالطهور ورد في أخبار كثيرة، واللفظان من المجملات، فلا تبرأ الذمة إلا برعاية الاحتياط، وهو الاتيان بفرد لم يشك في أجزائه. لا يقال:
الآية الشريفة بيان لهما. لأنا نقول: الآية الشريفة إنما تدل على وجوب كذا وكذا ولا تدل على كفاية ذلك القدر في الصلاة. لا يقال: لو وجب قيد زائد لذكره سبحانه وتعالى. لأنا نقول: هذا منقوض بصور كثيرة. وأيضا إنما تتجه تلك المقدمة لو لم يكن البيان مرجوعا إليه وإلى أهل بيته (صلى الله عليه وسلم).
(السادس) - ما أفاده أيضا (قدس سره) من أنا إذا لاحظنا ما روي عن الصادق (عليه السلام): " الوضوء غسلتان ومسحتان " (1) وسائر الروايات المتضمنة لمضمونها، مع صحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا " تبادر إلى ذهننا بمعونة قرينة المقام وجود البأس في غسل الوضوء مدبرا.
ثم اعلم أن شيخنا البهائي (قدس سره) في حبله وأربعينه - بعد أن طعن في دليل المشهور بما قدمنا نقله عن المدارك - قال: " وظني أنه لو استدل على هذا المطلب بأن المطلق ينصرف إلى الفرد الشائع المتعارف، والشائع المتعارف في غسل الوجه غسله