وروى الحميري في كتاب قرب الإسناد (1) عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي جرير الرقاشي قال: " قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): كيف: أتوضأ للصلاة؟ إلى أن قال: ولا تلطم وجهك بالماء لطما ولكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا... الحديث " والكتاب المذكور من الأصول المعتبرة المشهورة فلا يضر ضعف الراوي، وهو صريح في المطلوب، للأمر فيه بالغسل من الأعلى، وهو حقيقة في الوجوب عندهم.
وروى العياشي في تفسيره عن زرارة وبكير ابني أعين (2) قالا: " سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعا بطشت أو تور فيه ماء فغمس كفه اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على جبهته فغسل وجهه بها... الحديث ".
(الرابع) - أن الوضوء على غير هذا الوجه لا أقل أن يكون مشكوكا في صحته لوقوعه على خلاف ما بينه صاحب الشرع، والشك في صحته يقتضي الشك في رفعه، ويقين الحدث لا يرتفع إلا بيقين الطهارة، للحديث الصحيح المتفق على العمل بمضمونه: (3) " ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا ".
وما أفاده بعض المحققين من متأخري المتأخرين - من أن القدر المعلوم من هذا الخبر إنما هو عدم النقض بالشك في وجود الناقض، دون الشك في فردية بعض الأفراد للناقض، بمعنى أن تيقن الحدث فيما نحن فيه لا يزول بالشك في وجود الرافع، وأما كونه لا يزول بوجود بعض الأفراد المشكوك في فرديتها للرافع فلا دلالة للحديث عليه - ففيه ما قدمنا ذكره في المقدمة الحادية عشرة (4) وحينئذ فالواجب تحصيل يقين البراءة